انتهى. فإن أصلحا بينهما وردا بعضهما إلى بعض ووفق الله بين الزوجين فقد حصل المقصود، وإن تعذر على الحكمين الإصلاح بين الزوجين فلا بد من أحد أمور ثلاثة، إما أن يكون هو المسيء، وإما أن تكون هي المسيئة، وإما أن يسيئا معا ويظهر ذلك أو يلتبس الأمر.
فإن أساء الزوج طلقا بلا خلع يعني أن الحكمين إذا نظرا في أمر الزوجين وتعذر عليهما الإصلاح بينهما ووجد الزوج هو المسيء بأن كان هو الذي حصل منه الإضرار لها فقط، فإنهما يطلقانها عليه مجانا أي بلا عوض يدفعانه له من عندها لا صداق ولا غيره، هذا إن أحبت الفراق. قاله عبد الباقي. وبالعكس ائتمناه عليها أو خالعا له بنظرهما يعني أنه إذا كانت هي المسيئة فقط فإن الحكمين يأتمنان الزوج على الزوجة أي يقرانه عليها حيث كان صالحا؛ بأن كان لا يتجاوز فيها الحق بعد ائتمانه عليها أو يخالعان له بنظرهما بأن يعطياه شيئا من مالها ولو زاد على قدر الصداق بنظرهما في قدر المخالع به وفي أصل الخلع، وهذا إن أحب الزوج الفراق واستوت المصلحة في الفراق والبقاء، فإن تعينت المصلحة في فعل أحدهما وجب فعله. قاله عبد الباقي.
وقال الشبراخيتي عند قوله "بنظرهما" ما نصه: راجع لهما أي أنه إن كان النظر الائتمان فعلاه وإن كان النظر المخالعة خالعا له. انتهى. وقال الحطاب عند قوله "أو خالعا له بنظرهما" ما نصه: هذا زاده اللخمي، قال في تبصرته: وإن كان الظلم منها وكان لا يتجاوز الحق فيها اتتمناه عليها وأقرت عنده إلا أن يحب هو الفراق فيفرق ولا شيء لها من الصداق. انتهى.
قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: وهذا صريح في أن محل قوله: "أو خالعا له بنظرهما" إنما هو حيث أحب الزوج الفراق، فإن لم يحبه فهو قوله: "ائتمناه عليها" حيث لم يجاوز فيها الحق وإلا خالعا له بنظرهما، فالأقسام ثلاثة. والله سبحانه أعلم.
وإن أساءا يعني أنه إذا أساء الزوجان بأن حصلت الإساءة من كل منهما تساوت إساءتهما أم لا، وفي حكم إساءتهما معا ما إذا استمر الإشكال فلم يعلم المسيء منهما، فعليهما أن يصلحا بين الزوجين فإن أصلحا بينهما ووفق الله بينهما فالأمر ظاهر، وإن عجزا عن الإصلاح ورأيا الفراق نظرا، فهل يتعين عليهما الطلاق بلا خلع؟ أي مجانا بلا عوض تدفعه له وهو الذي تأول أبو عمران وغيره المدونة عليه، وليس مراده أن الطلاق يتعين عليهما وإنما المراد إذا أرادا أن يطلقاها