أي قيل: لها أن تطلق نفسها من غير رفع كمن التزم لها ذلك عند العقد، وقيل إنما تطلق نفسها بعد الزجر والرفع معا، فإن عاد لإضرارها طلقت عليه، وقوله: كالملتزم أي كالتي التزم الزوج لها في العقد أنها تطلق إن أضر بها. والله سبحانه أعلم. ويثبت الضرر بشهادة البينة المعاينة له، وبالسماع الفاشي المستفيض على ألسنة الجيران والخدم وغيرهم، قال في التحفة:
ويثبت الإضرار بالشهود ... أو بسماع شاع في الوجود
وذكر المص هذا في باب الشهادات، وقال عبد الباقي عند قوله "ولو لم تشهد البينة بتكرره" بل شهدت بأنه حصل لها منه مرة واحدة فلها التطليق بها على المشهور لخبر: (لا ضرر ولا ضرار (?))، ولا يخالف هذا قوله: "وبتعديه زجره الحاكم" لأن الزجر حيث اختارت البقاء وما هنا حيث اختارت الفراق، ولهذا يعلم أنه لابد من إقامة البينة على الضرر هناك. قاله أحمد. أي ويجري هنا هل يطلقها الحاكم أو يأمرها به ثم يحكم قولان، ودل قوله: "لها" أن لها الرضى به ولو محجورة ولو غير بالغ دون وليها، وكذا كل شرط فيه أمرها بيدها ليس لوليها قيام به إن رضيت. ذكره ابن عرفة. وقال الحطاب: وليس من الضرر منعها من الحمام والنزاهة، ثم قال: وقد تقدم الاختلاف فيمن يوقع هذا الطلاق هل الحاكم أو الزوجة في فصل العيوب. وكذلك إن أوقع أكثر من واحدة والله أعلم وسيأتي عند قول المص في باب الخلع: "ورد المال بشهادة سماع على الضرر" الكلام على شهادة السماع على الضرر. انتهى.
وعليهما الإصلاح يعني أن الحكمين يجب عليهما الإصلاح بين الزوجين قبل النظر في الطلاق؛ بأن يجتمع كل واحد من الحكمين بقريبه ويسأله عما نقم وما كره من صاحبة، ويقول له إن كانت لك حاجة في صاحبك رددناه إلى ما تختار منه ويكون ذلك منهما المرة بعد المرة ولا يلازمانهما، وعليهما أن يجتهدا في الإصلاح ما استطاعا قال تعالى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}، قال ابن عباس: إن يريدا إصلاحا يوفق الله بين الزوجين، وقيل يريد الزوجان.