تنته بالوعظ وحينئذ فيهجرها، ولا ينتقل للضرب إلا من بعد أن يهجرها ويفعل الوعظ والهجر وإن لم يظن إفادتهما فيها، وبعدهما يضربها الضرب المذكور بشرط أن يظن إفادة الضرب لخفة الأولين دون الثالث.
ولهذا قال: إن ظن إفادته يعني أن الزوج إنما يضرب زوجته على النشوز إن ظن إفادة الضرب أي أنه يكفها عن النشوز، فإن لم يظن إفادته بأن شك لم يجز له ضربها لأن إذاية الضرب شديدة شرعت لإصلاح الحال، والوسيلة الشديدة إذا لم يترتب عليها مقصدها لم تشرع، فلا يرد الوعظ والهجر لأن الضرب أشد منهما، وخبر: (لا تضربوا إماء الله (?)) محمول على الضرب لغير سبب يقتضيه أو على العفو لأنه الأولى لا على النسخ لأنه لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع، وليس في قوله: "من نشزت" مخالفة للآية: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}؛ لأن فيه حذف مضاف تقديره تخافون ضرر نشوزهن، وإنما عطف المص بثم، وفي الآية الشريفة بالواو المقتضية لجواز الجمع لأنها باعتبار جماعة النساء، فمنهن من يصلحها الوعظ ومنهن من يصلحها الهجر ومنهن من لا يصلحها إلا الضرب. وفي كلام المص باعتبار امرأة معينة. قاله غير واحد.
قال جامعه: والذي يظهر أنه قصد تفسير الآية، وأنها محمولة عنده على الترتيب كما في آية: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، قال القرطبي: لم يأمر الله بالضرب في شيء من كتابه صراحا إلا هنا وفي الحدود (?) العظام، فسوى معصيتهن لأزواجهن بمعصية الكبائر، وولى الأزواج ذلك دون الأئمة وجعله لهم دون القضاة بغير شهود ولا بينة ائتمانا من الله للأزواج على النساء. وفي الزاهي: ضرب الزبير بن العوام أسماء بنت أبي بكر وصاحبتها ضربا شديدا وعقد شعر واحدة بالأخرى، وكانت أسماء لا تتقي الضرب فكان ضربها أكثر وأشهر فشكته لأبيها رضي الله عنه فلم ينكره وأمرها بالصبر عليه، وقال لها: بلغني أن الرجل إذا ابتكر بامرأة تزوجها في الجنة. انتهى. وكلام القرطبي يفيد أنه يقبل قول الزوج بالنسبة لتأديبها لا لإسقاط النفقة، وذكر الزرقاني أن الزوج لا يقبل قوله في النشوز، وظاهره بالنسبة لإسقاط النفقة وللأدب وهو موافق لما