غيره فقد خالف أمر الله حيث أدى الأمانة إلى غير أهلها فيكون من الظالمين؛ إذ التفاته بمنزلة استكتامه وهذا من جوامع الكلم لما في هذا اللفظ الوجيز من الحمل على آداب العشرة وحسن الصحبة وكتم السر وحفظ الود والتحذير من النميمة بين الإخوان المودية للشنآن، وقد مر أن ضابط السر الذي لا يجوز إفشاؤه كل ما حدثت به إلخ، فكل لتعميم الجزئيات أي سواء تعلق المحدث به بحال المحدث أو غيره كان في مسألة دينية أو دنيوية مما شأنه أن يكتم عند الناس أولا، صرح المحدث بكتمه أو فهم ذلك من حاله إلى غير ذلك من الاعتبارات، ولا يتوقف الإفشاء على ذكر جميع الحديث؛ لأن الإذاية كما تحصل بذكر جميع الحديث تحصل بذكر البعض، وفي شرح ابن زكري عن الماوردي أنه كما يجب للرجل أن يخفي عيوب نفسه وأسراره كذلك يجب أن يخفي عيوب أخيه المسلم وأسراره، وإن احتاج إلى الكذب في ذلك فله أن يفعل ذلك في حق أخيه فإن أخاه نازل منزلته وهما كشخص واحد فليس الصدق واجبا في كل مقام. انتهى.
وفيه عن المنذري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فنادى بصوت رفيع: (يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله (?)). انتهى. ولفظ النصيحة: وقال عليه السلام: (من تتبع عورات أخيه تتبع الله عورته فيفضحه ولو في جوف بيته (?)).
ووعظ من نشزت لما أنهى الكلام على أحكام القسم شرع في الكلام على أحكام النشوز؛ يعني أن الزوجة إذا نشزت أي خرجت عن طاعة زوجها بمنع وطء أو استمتاع أو خروج بلا إذن أو تركت ما أوجب الله تعالى عليها من حقوقه عز وجل أو من حقوق الزوج، فإن الزوج يعظها أي يذكرها بما يلين القلب من ثواب وعقاب يترتبان على ذلك، فالمتولي لزجرها هو الزوج إن لم يبلغ الإمام أو بلغة ورجا إصلاحها على يد زوجها وإلا فإن الإمام يتولى زجرها. قاله ابن عبد السلام. قاله الحطاب. وقال الشبراخيتي: والوعظ التذكير بما يلين القلب بعمل ما فيه ثواب واجتناب ما فيه