فله الدخول عليه ابتداء من غير استئذان، فإن أخبره عدل وعبدان ففيه نظر والأولى المنع إذ لا يسقط حق إلا بعدلين، وهذا كله في ذنب يختص بالعبد لا يتعداه، ثم قال عن الماوردي: فإن كان ذلك في انتهابات يفوت استدراكها كأن يخبره من يثق بصدقه أن رجلا خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها جاز التجسس والبحث , فإن سمع أصوات الملاهي المنكرة من دار أنكرها خارج الدار ولم يهجم عليها بالدخول؛ لأن المنكر ظاهر فليس عليه أن يكشف عن الباطن، وليحذر المغتاب وليتق ربه فقد ذكر المنذري عن ابن عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فنادى بصوت رفيع: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله (?)). ونظر ابن عمر يوما إلى الكعبة، فقال: ما أعظمك وما أعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك. انتهى كلام ابن زكري.
قال الشيخ العارف بالله تعالى زروق في النصيحة الكافية قدس الله تعالى سره: وذكر رجلين ما اطلعا عليه من عيب رجل ليس بغيبة. انتهى. قال شارحها ابن زكري رحمه الله تعالى: كونه غير غيبة لا يستلزم نفي الإثم، وجلب من الكلام ما يقوي أن فيه الإثم، وقد اعترضه بعضهم بأنه صادق عليه حد الغيبة , قال الشيخ زروق: وكذا ذكر غير معين لا محصور. انتهى؛ يعني أن غير المعين لا غيبة فيه إذا لم يكن محصورا، فقد ذكروا في حديث أم زرع أن ما ذكرته عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم من ذم النسوة لأزواجهن ليس بغيبة لعدم التعيين، وإنما الغيبة لمعين حي أو ميت وإذا كان غير المعين محصورا فهو كالمعين كأهل سوق كذا أو طراز كذا وهم محصورون، فإن حصرهم يفضي إلى تعريفهم، فإن لم يتعين عند التكلم والسامع فظاهر، وإن تعين عند المتكلم دون السامع فقال بعض الشافعية: قواعد مذهب الشافعي تقتضي حرمة الغيبة فيه حتى قال بحرمة الغيبة في القلب، وقال في شرح الجوهرة: من تأمل كلام القاضي في الإكمال وأنصف فهم ميله إلى الحرمة كما تقتضيه ظواهر كلامهم. انتهى.