المباركة فعليه بتعهدها وتفقد معالمها بصلاح شأنه بحفظ حدود ربه ومراعاة أسرارها في سره وجهره والمراقبة بالتقوى، ولا يرضى لنفسه متابعة الهوى وحالة الغمرة في جاهلية الجهل والاعتداء، وليأخذ في تعلم ما يعنيه والإقبال على ما يحمد به عند العليم العلام، وقد جاء أن الناس تبع لقريش ولا يعتمد الحسيب المحق على حسبه ولا ذو الأصالة في الأبوة على نسبه، فإن النسبة المقطوع بها عند الله تعالى الهداية بالتقوى والتقرب إليه بمجاهدة الهوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} عام على عالم المكلفين، فينبغي لهم ولكل مكلف من أمة محمد صلى الله عليه وسلم التأسي بالسلف الصالح والاستعانة بحالهم على المتجر الرابح كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وتابعوه بإحسان، ولا يعتمد اللبيب على سابقة الآباء ولا على تأصيلهم بالديانة من غير اقتفاء، وقرابة الأرحام وحدها لا تنفع إذا كانت عارية من مخافة الله تعالى وحبذا هما إذا اجتمعا، قال صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا (?))، قيل هذا في فاطمة والمراد غيرها، ومثله: (لو سرقت فاطمة لقطعت يدها) (?) اعلم أن لله تعالى بأهل البيت عناية عظيمة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أربعة أنا شفيعهم: المكرم لذريتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه (?)).

الشيخ زروق: تعظيم قرابته صلى الله عليه وسلم من تعظيم حرمته، ولقد بالغ في ذلك الحاتمي رحمه الله تعالى حتى قال يعتقد في أهل البيت أن الله تعالى تجاوز عن جميع سيئاتهم لا بعمل عملوه ولا بصالح قدموه بل بسابق عناية من الله تعالى لهم؛ إذ قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}، فعلق الحكم بالإرادة التي لا تبدل أحكامها، فلا يحل لمسلم أن ينتقص عرض من شهد الله بتطهيره وإذهاب الرجس عنه، وما نزل بنا من قبلهم من الظلم ونحوه ننزله منزلة القضاء الوارد من الله تعالى بلا واسطة ولا سبب كالغرق والحرق إذ قال تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015