فائدة: من الأمور التي خالف فيها النبي صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب بعد أن وافقهم السدل ثم الفرق، وترك صبغ الشعر ثم فعله، والنهي عن صوم يوم السبت ثم نسخه بتحريه صوم يوم السبت والأحد لأنهما يوما عيد للكفار مخالفة لهم، وترك مخالطة الحائض ثم خالفهم، فقال: اصنعوا كل شيء إلا الجماع، فقالوا: لا يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه.
تنبيهات: الأول: اعلم أن الحسن والحسين وزينب بنت علي رضي الله تعالى عنهم، منهم انتشرت ذريته صلى الله عليه وسلم شرقا وغربا، وأمهم سيدتنا فاطمة البتول، سميت بذلك لانقطاعها بما لا طمع فيه من الفضائل لأحد من هذه الأمة، ولا تعادلها امرأة وهي الزهراء، سميت بذلك لأنها لم تحض قط ولا تمادى بها دم نفاس كغيرها، بل كانت إذا ولدت طهرت في الحين حتى لا تفوتها صلاة: ويقال لها من أجل ذلك حوراء آدمية؛ لأن الحور العين لا يحضن فشاركتهن في هذا الوصف، وهي من بنات آدم عليها السلام، وفي حديث (إن الله لم يبعث نبيا قط إلا جعل ذريته من صلبه غيري، فإن الله جعل ذريتي من صلب علي (?))، وسرى انتشار ذريته صلى الله عليه وسلم في أقطار الأرض أمنة للأمة فلا يخلو إقليم ممن ينتسب وفيهم صادق وكاذب، فمن وجد شيئا بيد آبائه فله التمسك به للبركة وإن لم يقف على صحته للحديث: (من تبرأ من نسب وإن دق كفر (?))، والناس مصدقون على أنسابهم ما لم يعلم خلاف ما قيل، والتعرض للنسبة مع العلم بعدمها مقت وخزي وخسران في العقبى، وقد جعل الله تعالى لهذه الذرية البشرية -أعني ذريته صلى الله عليه وسلم- الانتشار على وجه البسيطة كما تخللت أنهار المياه الأرض فحيثما حفروا وجدوه إذ هو حياتهم، وبالماء أقام الله تعالى وجودهم، وكذلك هذه الذرية المحمدية في هذه الأمة تخللها عمران الإسلام.
واعلم أن كل ما تسبب أولاد فاطمة في وجوده يطلق عليه حكم الذرية على العموم، ويختص حكم الأول فقها بعمود نسب هاشم كما تخص آية المباهلة أهل الرداء: النبي صلى الله عليه وسلم وبنته فاطمة وعليا، وابنيهما: الحسن والحسين. ومن له شيء من الوصلة بهذه النسبة السنية