الرابع، فإذا زالت الشمس في اليوم الرابع رمى الجمار الثلاث كما مر، وقد تم حجه فإذا رمى في اليوم الرابع فينفر من منى ويؤخر الظهر، فإذا وصل الأبطح نزل فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويقصر الرباعية، وما خاف خروج وقته من الصلوات قبل الوصول إلى الأبطح فليصله حيثما كان، والنزول بالأبطح إنما يشرع لغير المتعجل، ووسع مالك لمن لا يقتدى به في تركه، فإذا صليت العشاء فاقدم إلى مكة وقد تم حجك فأكثر من الطواف مدة إقامتك, ومن شرب ماء زمزم والوضوء به، ولازم الصلاة في الجماعة الأولى.
وأما صفة العمرة فهي أن ينوي أنه داخل في حرمة هذا النسك مع قول أو فعل تعلقا به كما مر في الحج, وميقاتها ميقات الحج. ويسن لمن كان أحرم بحج مفردا أن يخرج إلى الجرانة أو التنعيم فيحرم بعمرة ثم يدخل إلى مكة فيطوف ويسعى ويحلق وقد تمت عمرته، فإذا عزمت على الخروج من مكة فليكن آخر عهدك الطواف بالبيت ويسمى طواف الوداع، وإذا خرج الحاج من مكة فإنه يستحب له الخروج من كدى بالضم والقصر وهو الثنية الوسطى التي بأسفل مكة، ولتكن نيته وعزيمته وكليته زيارته صلى الله عليه وسلم وزيارة مسجده، وما يتعلق بذلك لا يشرك معه غيره؛ لأنه صلى الله عليه وسلم متبوع لا تابع، فهو رأس الأمر المطلوب والمقصود الأعظم المرغوب، فإن زيارته صلى الله عليه وسلم سنة مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها، وليكثر الزائر من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في طريقه، ويكبر على كل شرف، ويستحب أن ينزل خارج المدينة فيتطهر ويركع ويلبس أحسن ثيابه ويتطيب ويجدد التوبة، ثم ليمش فإذا وصل المسجد فليبدأ بالركوع إن كان وقت يجوز فيه الركوع، وإلا فليبدأ بالقبر الشريف, ويكون ركوعه في محراب النبي صلى الله عليه وسلم إن قدر أو في الروضة أو في غيره من المواضع، ثم يتقدم إلى القبر الشريف ولا يلتصق به، ويستقبل وهو في ذلك متصف بكثرة الذل والسكنة والانكسار والفقر والفاقة والاضطرار يشعر نفسه أنه واقف بين يديه صلى الله عليه وسلم، قال مالك فيقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله تعالى وبركاته , ثم يقول: صلى الله عليك وعلى أزواجك وذريتك وعلى أهلك أجمعين كما صلى على إبراهيم وعلى آل إبراهيم , وبارك عليك وعلى أزواجك وذريتك كما بارك على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، فقد بلغت الرسالة وأديت الأمانة وعبدت ربك وجاهدت في