يجب على القادر المشي وله صنعة تقوم به، وقد يقال: استغنى عن ذكره هنا بما ذكره في باب الفلس من قوله: "وسفره إن حل بغيبته". وبقي عليه أيضا الأبوة فللأبوين المنع من التطوع ومن الفرض على إحدى الروايتين. قاله في الجواهر. لكن سيأتي في الجهاد: "كوالدين في فوض كفاية"، وهو يفيد المنع في التطوع لا في حجة الإسلام. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، والحمد لله أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلى جميع عباد الله الصالحين.
فائدة: ها أنا أذكر لك صفة الحج والعمرة،
أما صفة الحج فهي أن تحرم من الميقات؛ أي تدخل بالنية في حرمة أحد النسكين أو كليهما مع القول أو الفعل المتعلقين به، والحرمة الذمة، والأمر الذي لا يحل انتهاكه، وقد مر التعريف بالميقات ووقت الإحرام، وقد مر أن الجحفة ميقات أهل المغرب، وقد مر الإحرام من رابغ، هل هو جائز لأنه من أعمال الجحفة ومتصل بها واعتمده غير واحد، أو يكره لأنه من باب الإحرام قبل الميقات؟ فإذا وصلت الميقات وأردت الإحرام فتنظف بحلق العانة، ونتف الإبط، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ثم تغتسل، ولو كانت حائضا أو نفساء صغيرا أو كبيرا، وإن كنت جُنُبًا فاضتسل للجنابة والإحرام، ويجزئك ذلك، وكذلك الحائض إن طهرت حينئذ فتغتسل للحيض والإحرام.
واعلم أنه يتدلك في غسل الإحرام، ويزيل الوسخ بخلاف ما بعده من الاغتسالات الآتية في الحج فليس فيها إلا إمرار اليد مع صب الماء، ويراعى في هذا الغسل الاتصال بالإحرام كغسل الجمعة، قال في الموازية: وإن اغتسل بالمدينة ثم مضى من فوره أجزأ، وإن اغتسل غُدوة ثم أقام إلى العشاء ثم راح إلى ذي الحليفة فأحرم منها لم يجزه الغسل، وإن اغتسل غدوة ثم أقام إلى الظهر كرهته. انتهى.
ثم بعد الفراغ من الغسل يلبد رأسه إن كانت له وفرة، والتلبيد أن يأخذ صمغا وغاسولا فيخلطهما ثم يجعل ذلك في الشعر فيلتصق بعضه ببعض ولا تكثر دوابه، ثم يلبس رداء وإزارا ونعلين، ولو ارتدى بثوب واحد جاز, والأفضل البياض، ولا يجوز المعصفر ولا المورس.