عنه , ولو كان لا يجزئه إلا بعد القضاء ما أهْدِيَ عنه بعد الموت، وقال أشهب: لا يجزئ، قال بعض: وهو يخالف ابن القاسم في مسألة الموت أيضا فلا تقوم عليه بها حجة، وقد مر قول المؤلف: "ونحر هدي في القضاء وأجزأ إن عجل"، لكن ذلك في المفسد، وهذا في الفائت.
تنبيهان: الأول: قال الإمام الحطاب: انظر إذا أحرم بالحج من مكة ثم خرج إلى عرفة فوقف في اليوم الثامن ولم يعلم بذلك حتى فاته الوقوف , ثم علم بذلك بعد رجوعه إلى مكة، فهل يؤمر بالخروج إلى الحل أم لا؟ لم أر فيه نصا، والظاهر أنه يجزئه ولا يؤمر بالخروج ثانيا، قال في سماع عيسى في رسم استأذن من كتاب الحج: وسئل ابن القاسم عن الذي يأتي عرفة وقد طلع الفجر؟ قال: يرجع على إحرامه إلى مكة، وينوي به عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ويرجع إلى بلاده ويحج قابلا ويهدي، قال ابن رشد: وهذا كما قال، وهذا مما لا اختلاف فيه. انتهى. وأما لو أحرم من مكة ثم خرج إلى الحل لحاجة ثم فاته الحج وهو بمكة، فالظاهر أن خروجه ذلك لا يكفيه؛ لأن المقصود أن يخرج إلى الحل لأجل الحج. فتأمله. والله أعلم. انتهى.
الثاني: قال إمامنا مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه: من فاته الحج بخطإ العدد أو مرض أو خفاء هلال أو شغل أو بأي وجه غير العدو، فلا يحله إلا البيت ويحج قابلا ويهدي متطوعا كان أو مفترضا, ومن دخل في حج أو عمرة وجب عليه الإتمام، قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وسواء غلب على ذلك أو لم يغلب؛ لأن من فاته الحج مغلوب، ومن أغمي عليه مغلوب، ومن مرض مغلوب فجعل على من فاته الحج لغلبةٍ القضاء كان تطوعا أو واجبا، خلافا لنوافل الصلاة والصوم التي إذا غلب عليها لم يلزمه قضاء، وجاءت السنة في حصر العدو؛ بأنه لا قضاء عليه في النوافل، فخرج حصر العدو عما سواه. قاله الحطاب. قال: وإنما نبهت على هذا وإن كان ظاهرا؛ لأن بعض الناس توقف في وجوب قضاء التطوع حيث لم يره في ابن الحاجب وابن عرفة وغيرهما من المتون والشروح المتداولة؛ وقد صرح به غير واحد. والله أعلم.
وإن أفسد ثم فات؛ يعني أنه إذا اجتمع الفساد مع الفوات فإنه يغلب الفوات بأن يتحلل بعمر سواء كان الفساد سابقا؛ بأن أحرم بحج ثم جامع ففسد حجه لأجل ذلك، وفاته الحج قبل أن يتم المفسد، فإنه يجب عليه أن يتحلل من إحرامه الفاسد بفعل عمرة، ولا يجوز له تغليب