وقف بعرفة وتمكن منها؛ بأن وقف بها ليلة النحر، ثم أحصر عن البيت لمرض أو عدو كما في النص أو حبس بحق أو فتنة، فإن حجه قد تم أي أدركه؛ لأن (الحج عرفة (?))، وليس المراد حقيقة التمام بقرينة قوله: ولا يحل إلا بالإفاضة؛ يعني أن حجه قد تم بمعنى أنه أدركه ولم يفته، لكنه يتوقف كمال حله على طواف الإفاضة، فيبقى محرما ولو أقام سنين، قال أحمد: فإن مات قبلها لكان قد أدى ما عليه من فرض الحج. انتهى. وهو خلاف ظاهر كلامهم. قاله إبراهيم اللقاني. وفي نقل المواق ما هو كالصريح فيما لأحمد. قاله عبد الباقي. ودعم بناني ما لأحمد أيضا، ثم إن تيسر لهذا المحصور طواف الإفاضة قبل تمام ذي الحجة فلا دم عليه، وإن أخره للمحرم فعليه دم كما مر. والله سبحانه أعلم.

وعليه للرمي ومبيت منى ومزدلفة هدي، مبتدأ وخبره: "عليه"؛ يعني أن المحصر بعدو أو نحوه أو بمرض ونحوه عن البيت، فإنه لا يحل إلا بطواف الإفاضة كما مر، فإن أحصر عن البيت فقط فالأمر واضح، فإن أحصر عنه وعن ما قبله مما بعد الوقوف كالرمي للجمار ومبيت منى ونزول مزدلفة فإنه يجب عليه لجميع ذلك هدي واحد، ولا يقال إن مذهب ابن القاسم سقوط الهدي عن من أحصر بعدو؛ لأن ذلك في حق من لم يقف بعرفة، وقوله: "مزدلفة"، عطف على قوله: "ومبيت"، على حذف مضاف؛ أي ونزول مزدلفة، ولا يخفى أن الهدي في المزدلفة إنما يكون بترك نزوله بها قدر ما تحط الرحال لا بترك المبيت بها كما مر.

كنسيان الجميع؛ يعني أنه يلزمه للثلاثة هدي واحد حيث وقف بعرفة وحصر عن البيت، فهو كما إذا نسي الجميع من الرمي والبيت بمنى ومزدلفة، وإن لم يكن محصورا فإنه يلزمه لذلك هدي واحد، وكذا لو تعمد ترك ذلك فإنه يكفيه لذلك هدي واحد مع الإثم عند ابن القاسم، وقال أشهب: يتعدد عليه الهدي وهو المفهوم من كلام المصنف في مناسكه وتوضيحه، وعليه فاللازم له ثلاث هدايا: هدي لترك المزدلفة وهدي لترك الرمي، وهدي لترك المبيت بمنى.

وعلم مما قررت أن "كنسيان الجميع" أصل لما قبله: فهو مشبه عليه كما يفيده الشارح. والله سبحانه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015