وإلا يمكن حمله عليها لضعفها أو خوف هلاكها، ولا أمكن حمله بأجرة من مال صاحبه، فإنه يجعله عند من يحفظه حتى يشتد، ثم يرسل إلى محله، فإن لم يمكن تركه -عند ثقة، لكونه بفلاة من الأرض، أو لعدم وجود ثقة يقوم عليه- ليشتد، متعلق "بترك"، واللام للغاية؛ أي إلى أن يشتد أي يقوى.
فكالتطوع؛ أي فحكم هذا الولد الذي لم يمكن تركه إلى أن يشتد كحكم هدي تطوع يعطب قبل محله، فلينحره ويخل بينه وبين الناس ولا يأكل، فإن أكل فعليه بدله، وكذا إن أقر بأخذ شيء منه، ولا تجزئه بقرة في نتاج البدنة، وقوله: "فكالتطوع"، جواب الشرط الثاني، وقوله: "فإن لم يمكن" الخ جواب الشرط الأول مقدر فعله بعد إن ولا النافية، وتقديره: وإن لم يمكن وإن الشرطية في كلا الموضعين داخلة على نفي.
وعلم مما مر أن حمل الولد من حيث هو واجب، وحمله على غير الأم أفضل من حمله على الأم، وقوله: "تركه"، بصيغة المصدر فاعل "يمكن"، ولو وجد الأم معيبة لم يكن له أن يتصرف في ولدها وكان تبعا لها في حكم الهدي، وفي الحطاب ما معناه: فإن لم يكن له محمل حمله على أمه كما يحمل عليها زاده عند الحاجة والضرورة، فإن لم يكن فيها ما يحمله قال ابن القاسم: يتكلف حمله، يريد: لأن عليه بلوغه بكل حيلة يقدر عليها، قال أشهب: له أن ينفق عليه حتى يجد له محملا، ولا محل له دون البيت.
ولا يشرب من اللبن؛ يعني أنه إذا قلد الهدي أو أشعره، فإنه خرج من ملكه، فلذا لا يشرب من لبنه، وإن فضل عن ري فصيلها، وهذا في الهدي الذي لا يجوز له الأكل منه، وقوله: "ولا يشرب"؛ أي يكره ذلك حيث لم يضر شربه الأم أو الولد؛ لأنه نوع من الرجوع في الصدقة، وليتصدق به فإن لم يفضل أو أضر منع، وأما غير الممنوع من أكله فيجوز شربه. كذا يفيد أحمد. وحمله بعضهم على الإطلاق، فيكره شرب لبن كل منهما حيث لم يضر وإلا منع. قاله عبد الباقي. وقال محمد بن الحسن: ما حمله عليه البعض هو الموافق لإطلاق أهل المذهب المدونة وغيرها، وتعليلهم النهي بخروج الهدي عن ملكه بالتقليد والإشعار، وبخروجه خرجت المنافع،