الرسول، كما قال التتائي، يندفع قول البساطي كغيره: الظاهر أن "في" زائدة، وأن المعنى: وضمن غير الرسول، وذلك الغير هو رب الهدي، وقوله: "من ممنوع"، على هذا راجع لما بعد الكاف، وقوله: "بدله"؛ أي ويصير حكم البدل حكم المبدل من المنع، فإن أكل أيضا من ذلك البدل فإنه يضمن بدلا كاملا أيضا لتنزله منزلة المبدل منه لا قدر أكله فقط.
وعلم مما مر أن الرسول لا يضمن، سواء أكل من هدي التطوع أو غيره كما لو أمر حيث كان مستحقا أو مأموره مستحقا وإلا ضمن قدر أكله فقط وقد أخذ مأموره فقط لا هديا كاملا. والله سبحانه أعلم. وقال الحطاب: وإذا قال للناس صاحب الهدي كلوا، وقال أبحتها للناس، فلم أر في ذلك نصا، وظاهر قول المدونة: فإن أكل أوأمره بأكلها أو بأخذ شيء منها فعليه البدل أنه يضمن في قوله: كلوا أو خذوها واقتسموها ونحو ذلك، ولا يضمن في قوله: أبحتها للناس؛ لأنه لم يأمر أحدا بأخذ شيء، ولو قال: من شاء فليأخذ، فالظاهر لا يضمن. انتهى. ولو كان عليه هدي واجب فضل، فأبدله بغيره فعطب قبل محله فأكل منه لأن عليه بدله ثم وجد الأول، فإنه ينحره، قال في الطراز: قال في الموازية: ولا بد له من بدل الثاني؛ لأنه صار تطوعا أكل منه قبل محله. انتهى. نقله الحطاب.
وقد مر أن أكل من تلزمه نفقته من ممنوع كأكله هو فيوجب البدل، ومحل ذلك إذا أطعمهم، فإن أكل منه بغير إذنه من تلزمه نفقته فإنما عليه قدر ذلك، ولو لم يكن الوالد والولد في عياله لم يلزمه شيء، ولزم ذلك الأب إن كان مليا وكذا الولد، فإن كان الولد البالغ فقيرا فذلك له جائز لأنه ليس في عيال أحد وهو من جملة المساكين، بخلاف الأب الفقير فإن نفقته على الولد، ولو أكل منها الغني أو الذمي بغير إذنه فعلى الآكل قدر ما أكل، وكذا لو دفعها ربها لمن يفرقها فأعطى الفرق منها غنيا أو ذميا فعلى المفرق بدل ذلك. والله أعلم. ولو أعطى الفدية أو الجزاء أو نذر المساكين فأطعمه المساكين من ذلك، فلم أر فيه نصا، والظاهر أنه لا شيء عليه، وإنما هو مكروه من باب أكل الرجل من صدقته الواجبة. والله أعلم. قاله الحطاب.
وإذا نسك في الفدية أو جعلها هديا ثم أكل منها، وقلنا يلزمه البدل، فهل يلزمه بدل الذي أكل منه؟ ولا يجوز أن يبدله بدونه كما لو جعل الفدية بدنة ثم أكل منها، وأراد أن يبدل ذلك بشاة