عيش هذا المحل؟ فيقال: كذا، فيلزمه، وظاهره اعتبار قيمته بمحله، وإن قلت: وفهم من قوله: "إطعام"، أنه لو دفع قيمته دراهم أو عرضا لم يجزه ويرجع به إن كان باقيا.

واعلم أنه إن أخرج الجزاء هديا اختص بالحرم، وإن كان صياما فحيث شاء، وإن كان طعاما اختص بمحل التقويم، وإلا يكن للصيد قيمة ببلد الإتلاف أو لم يجد به مساكين، فيقوم أو يطعم بقربه أي بمحل قريب من محل التلف، فإن لم يكن حكم عليه حتى رجع لأهله فأراد الإطعام حكم اثنين ممن يجوز تحكيمهما ووصف لهما الصيد، وذكر لهما سعر الطعام بموضع الصيد فإن تعذر عليهما تقويمه بالطعام قوماه بالدراهم، ويبعث بالطعام إلى موضع الصيد كما يبعث بالهدي إلى مكة.

ولا يجزئ بغيره؛ يعني أنه إذا أخرج قيمة الصيد طعاما ودفعه لمساكين ليسوا بمحل التلف ولا بقربه، فإن ذلك لا يجزئه، فالضمير في "لا يجزئه"، عائد على الإطعام لا على التقويم، قال البناني: لم نر من ذكر عدم الإجزاء في التقويم بغير محل التلف، وقوله: "ولا يجزئ بغيره"؛ أي مع الإمكان. قاله عبد الباقي. ولا زائد على مد لمسكين؛ يعني أنه إذا كفر بالإطعام فإنه يدفع لكل مسكين مدا فقط، والمعتبر في ذلك مده صلى الله عليه وسلم، فإن دفع للمسكين أكثر من مد فإنه لا يعتد بالزائد على المد كما في كفارة اليمين، فإذا وجبت عليه مثلا خمسة أمداد فأطعمها لأربعة أشخاص فقراء فلابد من إطعام شخص آخر، وتنزع الزيادة سواء كانت عند البعض أو عند الكل، ولا تتصور القرعة في هذا المثال، وإنما محلها فيما إذا دفع عشرة أمداد لعشرين مثلا، فإنه ينزع من عشرة بالقرعة، ويكمل للآخرين ولا يجزئ الناقص إلا أن يكمل كما في اليمين.

إلا أن يساوى سعره، هذا مرتب على قوله: "ولا يجزئ بغيره"؛ يعني أن مذهب المدونة أن من أخرج الطعام بغير محل تلف الصيد لا يجزئه ذلك كما قدمه قريبا، وظاهرها سواء ساوى محل الإخراج موضع التلف في السعر أم لا، وقال ابن المواز: إن اتفق السعر في موضع الإخراج وموضع التلف، أو كان موضع الإخراج أغلى أجزأ ذلك، وإن كان في موضع الإخراج أرخص فلا.

واختلف الشيوخ في مذهب المدونة، فمنهم من جعل كلام ابن المواز تفسيرا لها، ومنهم من جعله خلافا لها واعتمده ابن الحاجب، وإلى ذلك أشار بقوله: فتأويلان؛ يعني أنه إذا أخرج الطعام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015