صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه، قال عبد الباقي: لأنه كاليمين الغموس، وكون المحرم لمكة الخليل لا يعارض خبر: (إن هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض (?)) الخ؛ لأن نسبته لإبراهيم لظهور تحريمه له بعد الطوفان لا ينافي إخبار نبينا بأن الله تعالى حرمه يوم خلق السماوات والأرض. انتهى. كلام الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ بناني: قال ابن رشد في رسم الحج من سماع القرينين ما نصه: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة بريدا في بريدة وقال: (اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها (?))، واختلف أهل العلم فيمن صاد فيها صيدا؟ فمنهم من أوجب عليه الجزاء فيه كحرم مكة سواء، وبذلك قال ابن نافع، وإليه ذهب عبد الوهاب، وذهب مالك إلى أن الصيد فيها أخف من الصيد في حرم مكة، فلم ير على من صاد فيها إلا الاستغفار والزجر من الإمام، قيل له: فهل يؤكل الصيد يصاد في حرم المدينة؟ قال: ما هو مثل ما يصاد في حرم مكة، وإني لأكرهه، فروجع فيه، فقال: لا أدري. انتهى. وبه تعلم ما في كلام الزرقاني، وقوله: إن صيد المدينة كاليمين الغموس، تبع فيه التوضيح، وكلام ابن رشد المذكور بخلافه. انتهى. كلام البناني. وقال الخرشي عند قوله: "كصيد المدينة": والمعنى أن المدينة شرفها الله تعالى يحرم الصيد في حرمها ولا جزاء فيه، وهذا هو المشهور؛ لأن المذهب لحوقها بمكة في تحريم الصيد بحرمها، ولا يؤكل حينئذ، وكذلك يحرم قطع شجر حرم المدينة وما نبت فيه بنفسه كما في حرم مكة، وما استثني هناك يستثنى هنا، وهل عدم جزائه لأن الكفارة لا يقاس عليها، أو لأن حرمة المدينة أشد فهي كاليمين الغموس؟ قولان، وقال الشارح عند قوله "كصيد المدينة": تشبيه في الأمرين السابقين: تحريم الصيد، وعدم الجزاء.

بين الحرار الأربع؛ يعني أن الحرم في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم بالنسبة للصيد هو ما بين حرارها الأربع المحيطة بها، جمع حرة: أرض ذات حجارة نخرة كأنها أحرقت بالنار، من جهات المدينة الأربع وهي اللابتان في جانبي الشرق والغرب، والغربية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015