قتله في الحرم أو بعد أن خرج منه ففيه الجزاء، وإن قتله بقرب الحرم قبل أن يدخله فالمشهور أن لا جزاء عليه، وهو قول مالك وابن القاسم، قال التونسي: ويؤكل وقال ابن عبد الحكم وابن حبيب: عليه الجزاء، والمتبادر من كلام المصنف هو الصورة الأخيرة، لكن لضعف القول بالجزاء فيها تعين حمله على الثانية، ويجعل قوله: "خارجه"، حالا من فاعل "قتل". تأمل. قاله محمد بن الحسن. ومفهوم "بقربه"، أنه لو أرسله في بعد من الحرم وهو كما في التوضيح ما يغلب على الظن إدراكه فيه قبل دخوله الحرم أو يرجع عنه، فقتله فيه أو أدخله فيه، ثم أخرجه منه فقتله، فإنه لا جزاء فيه، وهو كذلك لكنه لا يؤكل في الوجهين. وفي الواضحة: أن ما قتل قريبا من الحرم يسكن بسكونه ويتحرك بتحركه، فعليه جزاؤه، ولو أرسله على صيد قرب الحرم فعدل عنه إلى غيره في الحرم فعليه جزاؤه؛ لأنه غرر، كما لو أرسل على ذيب في الحرم فعدل إلى ظبي. ونقل الحطاب بعد أن نقل ما مر عن التوضيح أن البعد عند ابن القاسم ما لا يظن أن الكلب يلجئ الصيد إليه، وأنه إما أن يدركه قبل ذلك أو يرجع عنه. وعند ابن الماجشون: ما لا يتحرك الصيد فيه بحركة ذلك الموضع، وما مر عن التوضيح يفيد أن الظن غير القوي والشك في ذلك من القرب، وكلام ابن القاسم يفيد أن الشك من البعد كما في الخرشي. والله أعلم. وظاهر قول المصنف: "بقربه": [سواء (?)] تعين الحرم طريقه أم لا وهو ظاهر؛ لأنه لما كان قربه جاز دخوله إياه. أبو إبراهيم: لو جر الشخص أو الكلب الصيد من الحل فأدخله الحرم، ثم خلى عنه حتى خرج الصيد من غير أن يخرجه ثم اتبعه فقتله، فينبغي أن يؤكل كمسألة العصير يصير خمرا ثم تخلل. انتهى. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال: يمكن جعل هذه المسألة مفهوم قول المصنف: وطرده من حرم؛ لأنه صادق بما إذا تسبب في إدخاله الحرم، وبما إذا كان فيه من غير سببه. انتهى. وقوله: "وطرده"، عطف على "قتله" من قوله: "والجزاء بقتله"، فهو مما يلزم فيه الجزاء؛ يعني أن الإنسان إذا طرد الصيد من الحرم وأخرجه إلى الحل، فصاده صائد في الحل أو هلك فيه قبل أن يعود إلى الحرم، أو شك في هلاكه وهو لا ينجو بنفسه فإنه يلزم الصائد جزاؤه.