كذلك؛ أي كمسألة المصنف، وهي ما إذا سافر دون مسافة القصر. والله سبحانه أعلم. وقال عبد الباقي: والظاهر أن من أفطر بسفر قصر عاص به حكمه كمسافر دونه، بل أولى منه. انتهى.

رابعتها: أن يصبح في الحضر صائما ثم يسافر في يومه ذلك، فيفطر في أثناء ذلك اليوم، ويأتي للمصنف أنه لا كفارة فيها؛ وهي التي قاس عليها الحطاب من أصبح في الحضر صائما ثم سافر دون مسافة القصر وأفطر في يومه ذلك، وبالله تعالى التوفيق، وسيأتي الكلام على فطر المسافر بأتم من هذا عند قول المصنف: "وفطر بسفر قصر شرع فيه قبل الفجر" لخ.

أو رأى شوالا نهارا؛ يعني أن من رأى شوالا نهارا يوم ثلاثين في رمضان، فظن أن ذلك يبيح له الإفطار، فأفطر فعليه القضاء ولا كفارة عليه، وظاهره سواء كانت رؤيته قبل الزوال أو بعده؛ وهو ظاهر الرواية، فقد حكاها في التوضيح فيمن رأى هلال شوال نصف النهار، وكذلك ابن عرفة، ولا شك أنها قبل الزوال أعذر لوجود الخلاف في إباحة الإفطار.

وبما قررت علم أن الضمير في قوله: فظنوا الإباحة، عائد على الأشخاص الستة أصحاب المسائل الست، وهم: المفطر ناسيا، والذي لم يغتسل إلا بعد الفجر، والقادم من السفر ليلا، والمتسحر قرب الفجر، والمسافر دون مسافة القصر، والرائي لهلال شوال نهارا. أي أن محل عدم لزوم الكفارة إنما هو فيمن أفطر منهم ظانا إباحة الفطر، وأما من علم منهم الحرمة أو ظنها أو شك فيها فإنه يكفر ويكون آثما، قال الإمام الحطاب عند قوله: "فظنوا الإباحة" ما نصه: راجع إلى المسائل الستة واحترز به ممن علم أنه لا يجوز له الإفطار بذلك فأفطر متعمدا فلا خلاف في وجوب الكفارة عليه. انتهى.

وقال الحطاب أيضا: يفهم من قول المصنف: "فظنوا الإباحة"، أنهم لو شكوا في الإباحة لزمتهم الكفارة وأحوى إن لم يكن عندهم إلا توهم الإباحة، وهذا ظاهر لأنهم مع ظن الإباحة يسقط عنهم الإثم كما سيأتي من كلام ابن رشد، وأما مع عدم ظن الإباحة فلا يجوز لهم الإقدام على الفطر، وأنهم آثمون في إقدامهم على الإفطار مع الشك أو الوهم، فإن أفطروا فعليهم الكفارة. والله أعلم. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015