موجب الكفارة؛ بأن يكون عالما بالتحريم، وأما لو جهل الحرمة كحديث عهد بالإسلام يظن أن الصوم لا يحرم الجماع مثلا وجامع فلا كفارة عليه، وأما جهل وجوب الكفارة مع علمه الحرمة فلا يسقط عنه وجوب الكفارة، وقوله: "وجهل"، عطف على "تأويل"، وقوله: "وجهل"، خلافا لابن حبيب القائل: إن الجاهل كالعامد، عليه الكفارة، فإنه قال في الذي يتناول فلقة: إن كان ساهيا فلا كفارة عليه، وإن كان عامدا كان عليه الكفارة والقضاء، قال الإمام الحطاب: والمعروف من المذهب أن الجاهل في حكم المتأول فلا كفارة عليه؛ لأنه لم يقصد انتهاكا. انتهى.
تنبيهات: الأَوَّلُ: فإن قِيلَ ما الفرق بين الجاهل والمتأول؟ فإنه جاهل بالحكم أيضا، فما الفرقَ بينهما؟ ثم إنهم فرقوا في المتأول بين التأويل القريب والبعيد، فَالجَوَابُ أنه لا فرق بينهما إلا إذا حمل الجاهل على من كان حديث عهد بالإسلام فجهل وجوب رمضان أو بعض ما يمنعه رمضان من أحكامه المشهورة، والمتأول من أفطر لوجه يخفى حكمه، بل قال بعض العلماء بجواز الإفطار به.
الثَّانِي: قد مر أن المتأول تأويلا قريبا لا كفارة عليه، بخلاف المتأول تأويلا بعيدا، وقال اللخمي: قال الشيخ: أصل المذهب أن الكفارة إنما تجب على من قصد الفطر جرءة وانتهاكا، فمن أفطر متأولا فإن جاء مستفتيا ولم يظهر عليه صدق فيما يدعيه، وأنه لم يفعل ذلك جرءة ولا كفارة عليه، وإن ظهر عليه نظر فيما يدعيه، فإن كان ممن يرى أن مثله يجهل ذلك صدق، وإن أتى بما لا يشبه لم يصدق وألزم الكفارة، وهذا فائدة قولهم إن هذا ينوَّى ولا ينوَّى الآخر ويجبر على الكفارة، ولو كان إخراج الكفارة موكولا إليه إذا ادعى ما لا يشبه لم يكن للتفرقة وجه. انتهى. قاله الحطاب.
الثَّالِثُ: علم مما مر أن من أكل في يوم الشك قبل أن يثبت الهلال ثم ثبت أنه من رمضان لا كفارة عليه، وكذلك الأسير إذا لم يعلم برمضان لم يذكر أحد قولا بوجوب الكفارة عليه. قاله الحطاب.
وَحَاصل ما مر عن اللخمي أن مقتضى المذهب الإجبار على الكفارة، ولا يوكل إلى الأمانة، فمن ادعى سقوطها بجهل أو تأويل لم يصدق إلا أن يأتي بما يشبه، وقال صاحب القبس: هي