هذا المصحح لا مقالة جاهل ... فأجلها منها مقيم الألسن

يعني بقوله: مقالة جاهل، قول بعضهم:

النحو يصلح من لسان الألكن ... والمرء تكرمه إذا لم يلحن

فإذا أردت من العلوم أجلها ... فأجلها منها مقيم الألسن

وكفر إن تعمد؛ يعني أن الكفارة الكبرى تجب على المكلف بأحد المفطرات الآتية، واختلف هل هي على التراخي أو الفور كالقضاء؟ وتجب بشروط خمسة: أَحَدَها أن يتعمد الفطر، ثانِيَها أن يكون فطره ذلك اختيارا فلا كفارة على ناس ولا على غير مختار، كمن فعل شيئا من موجبات الكفارة مكرها أو غلبة؛ لعدم وصف هذه الثلاث بالتعمد حقيقة إلا من استاك بجوزاء نهارا عمدا وابتلعها غلبة فعليه الكفارة كما يأتي.

واعلم أن الكفارة مأخوذة من الكفر بفتح الكاف وهو الستر، وبالضم ستر الحق، والبحر كافر لستره لما فيه، وأكثر موارد الكفارة رفع الإثم وستره كما في الصوم والظهار، وسميت كفارة غيره بذلك تشبيها وإن لم يكن بها إثم كما في اليمين بالله تعالى؛ إذ قد لا يكون الحنث حراما بل واجبا أو مندوبا. ثالِثُ الشروط: أن يكون منتهكا للحرمة، وإليه أشار بقوله: بلا تأويل قريب، ولو قال بلا تأول لكان أحسن. والله تعالى أعلم؛ يعني أنه يشترط في لزوم الكفارة للمفطر في رمضان أن يكون في فطره منتهكا للحرمة، فالمتأول تأويلا قريبا لا كفارة عليه، والمتأول تأويلا قريبا هو المستند لأمر موجود، وستأتي أمثلته، ومنطوق المصنف صورتان: إحداهما أن يفعل موجب الكفارة غير متأول، الثانية أن يفعل موجب الكفارة متأولا تأويلا بعيدا، ومفهومه صورة واحدة؛ وهي أن المتأول تأويلا قريبا لا كفارة عليه، ومن تعمد الفطر في يوم ثلاثين ثم جاء الثبت أنه يوم العيد فلا كفارة عليه ولا قضاء، وكذلك الحائض تفطر متعمدة ثم تعلم أنها حاضت قبل فطرها، وعن حمديس وجماعة من الطلبة: عليهما الكفارة، ووجهه الانتهاك: ونظير ذلك على الأول من تزوج امرأة معتقدا أنها في العدة ثم تبين أنها خرجت منها فنكاحه صحيح، خَاطَرَ وسَلِمَ، الشرط الرابع: أشار إليه بقوله: وجهل؛ يعني أنه يشترط في لزوم الكفارة أن يكون غير جاهل بحرمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015