ذلك في هذه الصورة أن يقال: مريد الخروج إلى السياحة يحتمل أن يكون باعثه كراهية الدنيا وأهليها ومحبة المولى والرغبة في الجلوس بين يديه بلا علاقة أو نحو هذا من المقاصد الحسنة، فيكون تحركه لله فيكون عبدًا لله سبحانه، ويحتمل أن يكون الباعث أو الموجب لضيق النفس إنما هو غلظ النفس وكبرها، والأنفة من التذلل لغيره، والدخول تحت حكمه فيكون قد خالف الشرع ظاهرا بترك عياله بلا قيم وهرب عن طاعة من ولاه الله تعالى، واشتغل بالاعتراض عليه بالتكبر عليه، وهو اعتراض على الله تعالى فيستوجب المقت من الله تعالى، وهو يظن أنه يسعى في القُرَب وهكذا فمن هذا احتاج الناس إلى الشيخ المربي، ومما قيل في مدح العلم والحث عليه من الشعر قوله:

مع العلم فاسلك حيثما سلك العلم ... وعنه فكاشف كل من عنده فهم

ففيه جلاء للقلوب من العمى ... وعون على الدين الذي أمره حتم

فإني رأيت الجهل يزري بأهله ... وذو العلم في الأقوام يرفعه العلم

يعد كبير القوم وهو صغيرهم ... وينفذ منه فيهم القول والحكم

وأي رجاء في امرئ شاب رأسه ... وأفنى سنيه وهو مستعجم فدم

يروح ويغدو الدهر صاحب بطنه ... تركب في أحضانها الشحم واللحم

إذا سئل المسكين عن أمر دينه ... بدت رحضاء العي في وجهه تسمو

وهل أبصرت عيناك أقبح منظرا ... من اشيب لا علم لديه ولا حلم

هي السوأة السوآء فاحذر سماتها ... فأولها خزي وآخرُ هاذم

فخالط رواة العلم واصحب خيارهم ... فصحبتهم زين وخلطتهم غنم

ولا تعدون عيناك عنهم فإنهم ... نجوم إذا ما غاب نجم بدا نجم

فو الله لولا العلم ما اتضح الهدى ... ولا لاح من غيب الأمور لنا رسم

وقال آخر:

رأيت العلم صاحبه شريف ... وإن ولدته آباء لئام

وليس يزال يرفعه إلى أن ... يعظم قدره قوم كرام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015