وإذا وقعت العارية فواجب على المستعير شكر المعير ومكافأته ولو بالدعاء وصيانة الكتاب المستعار، فلا يعرضه لتلف ولا فساد، ولا يفتحه فتحا فاحشا، ولا يلوثه بيده ولا يوسخه بما فيها، ولا يضعه على الأرض أو الحصير، ولا ينظر حالة غلبة النوم، فربما سقط من يده أو على الصباح، أو سقط عليه المصباح وزيته، ولا يعرضه للندى أو الشمس أو الدخان أو السارق أو الفار أو غير ذلك، ولبعضهم:

عليك بالحفظ دون العلم في كتب ... فإن للكتب آفات تفرقها

اللص يسرقها والفار يخرقها ... والنار تحرقها والماء يغرقها

وأن لا يؤذيه بالتلوي عليه حين يريد كتابه الذي أعاره له، ولا يفشي ما عسى أن يجده مكتوبا من أسرار مالكه أو غيره، وبالجملة يجب أن يفعل فيه ما يفعله لنفسه:

أيها المستعير مني كتابا ... ارض لي فيه ما لنفسك ترضى

ولبعضهم:

إذ استعرت كتابي وانتفعت به ... فاحذر وقيت الردى من أن تغيره

واردده لي سالما إني شغفت به ... لولا مخافة كتم العلم لم تره

ومتى علم من نفسه أنه عاجز عن القيام بذلك لم تجز له الاستعارة؛ لأن مقدمات الحرام حرام، وكل هذا مطلوب منه في كتب نفسه وكتب الأحباس، فإن حفظ المال واجب وتضييعه حرام، والكتب إذا ضيعت كان فيها تضييع المال وتضييع العلم، ولا بأس بكتابة الحواشي والفوائد على كتاب يملكه، ولا يكتب عليه صح فرقا بينه وبين التخريج، ولا ينبغي إلا الفائدة المناسبة للمتن الذي عليه الحاشية، كبحث فيه أو عَزْوِ نَاقِلِ أو منقول عنه وغير ذلك، وليحافظ على البيان في الكتابة، وليحذر الخط الردي وكثرة المحو، وَالضرب ليلا يظلم الكتاب فيفسد أكثر مما يصلح، والخط الحسن يبسط النفس وينشط الفهم ويزيد الحق وضوحا، وخطوط العلماء تكون غالبا ردية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015