تنبيهات: الأول: اعلم أن من آداب التلميذ مع الشيخ أن يعظمه، ولا يزال ناظرا إليه بعين الإجلال، ويعتقد فيه درجة الكمال، ويتواضع له ويخضع بين يديه ويهابه غاية الهيبة، ويعلم أن خضوعه له عز، وذلته بين يديه رفعة، ويقال إن الإمام الشافعي قيل له في ذلك؟ فقال:

أهين لهم نفسي فهم يكرمونها ... ولمن تُكْرَم النفسُ التي لا تهينها

وأمسك ابن عباس على جلالة قدره بركاب زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، وقال أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه لخلف الأحمر: لا أقعد إلا بين يديك، أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه، وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه: كنت أتصفح الورقة بين يدي مالك تصفحا رفيقا هيبة له ليلا يسمع وقعها، وقال الربيع: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له، ويقال: حضر بعض أولاد الخليفة المهدي عند شريك بن عبد الله، فاستند إلى الحائط، وسأل شريكا عن حديث فلم يلتفت إليه شريك، فقال: أتستخف بأولاد الخلفاء؟ قال: لا، ولكن العلم أجل عند الله تعالى من أن يضيعه، أو العلم أزين عند أهله من أن يضيعوه، ولا ينبغي أن يخاطب شيخه كخطاب الناس بتاء الخطاب أو كافه، أو بمجرد اسمه، بل يا سيدي أو يا أستاذي، ويا أيها العالم أو الحافظ ونحو ذلك، وكذا إذا ذكره في غيبته، وليتحر التلميذ الصالح للمشيخة بأن لا يأخذ العلم إلا ممن هو أهل لأن يؤخذ عنه ويعرف ذلك إما بالنظر إن كانت له يد في العلم في الجملة، وإما بتقليد العارفين سؤالا واستخبارا فيأخذ عن المحقق الثقة، ويتحرى أهل الدين المتأدبين ممن جعل الله تعالى الفتح على يديه للعباد رجاء أن يأخذ العلم وأدبه والعمل به، فإنه لا خير في علم بلا عمل، ولا في زيادة علم مع نقصان أدب، قال بعض السلف: هذا العلم دين فانظروا من تأخذون عنه دينكم، وليحذر ممن فيه نزغة بدعة أو سوء اعتقاد ليلا يسري ذلك إليه فيهلك مع المهلكين، أو تَوَرُّطٌ في أودية الدنيا وصحبة الظلمة مخافة أن ينجر بذلك إليها، وليحذر أن يتقيد بالمشاهير وذوي الجاه وَيُعْرِضَ عن أهل الخمول إن كانت فيهم أهلية، بل يتبع أهل الحق والتحقيق كيفما كانوا؛ إذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015