قال محمد بن الحسن: ما ذكره -يعني عبد الباقي- من أن ابتلاع ما بين الأسنان لا يفطر، شهره ابن الحاجب وهو مذهب المدونة، والذي استبعده ابن رشد إنما هو نفي القضاء في العمد، والمدونةُ لم تصرح بالعمد، لكن يؤخذ من إطلاقها والله أعلم. انتهى. أو غيره؛ يعني أنه يشترط في صحة الصوم أيضا ترك إيصال غير المتحلل للحلق، فقوله: "أو غيره"، هو فيما إذا كان الداخل من منفذ عال كما في المواق، ونصه: ويجب الإمساك عما يصل إلى الحلق مما ينماع أو لا ينماع، وغير المتحلل كالحصاة والدرهم، وقال عبد الباقي: إن غير المتحلل إنما يفطر إذا وصل إلى المعدة، لا إن وصل للحلق وَرُدَّ. وهو غير صحيح قال محمد بن الحسن: قوله -يعني عبد الباقي- وأما وصول غيره أي المتحلل إليه أي الحلق ورد، فلا يوجب الفطر؛ أي وإنما يحصل الفطر بغير المتحلل إذا وصل للمعدة، وهذا تبع فيه البساطي وهو غير صواب لما نقله المواق عند قوله: "وبخور"، عن التلقين، ونصه في التلقين: ويجب الإمساك عما يصل إلى الحلق الخ، وناقش الرهوني بناني في ذلك، وقال: الصواب ما ذكره الزرقاني تبعا للبساطي، وساق من النقل ما لم يظهر لي منه قيام الحجة له على بناني. على المختار؛ يعني أنه اختلف في الحصاة والدرهم ونحوهما مما لا يتحلل منه في العدة شيء، هل له حكم الطعام أم لا؟ فقال عبد الملك: له حكم الطعام، فيفسد الصوم وليقض وجوبا، وقال ابن القاسم: لا قضاء عليه إلا أن يتعمد فيقضي لتهاونه بصومه. اللخمي: والأول أشبه لأن الحصاة تشغل العدة إشغالا ما، وتنقص كلب الجوع. قاله الشارح.
وبما قررت علم أن قوله: "على المختار"، خاص بقوله: "أو غيره"، فلو قال: كغيره بالكاف، كان أوفق لقاعدته الأغلبية، وعلم مما نقلت عن الشارح أن خلاف ابن القاسم محله فيما إذا لم يتعمد ابتلاع الدرهم أو الحصاة مثلا، وأما لو تعمد فيقضي اتفاقا، فمقابل المختار إنما هو فيما عدا المتعمد، وأما المتعمد فهو محل اتفاق بين ابن القاسم وعبد الملك. والله سبحانه أعلم. لمعدته، متعلق بقوله: "وإيصال"؛ يعني أنه يشترط في صحة الصوم ترك إيصال للمعدة، بـ سبب حقنة، وهذا أيضا متعلق "بإيصال"، وقوله: بمائع متعلق "بحقنة"، "والباء"، بمعنى: من؛ يعنى أنه يشترط في صحة الصوم أن يترك إيصال شيء للمعدة بسبب حقنة من منفذ واسع سافل كدبر