محلها ولا عبرة بوجودها قبل ذلك، فلو جدد النية فيما إذا أفاق قبل طلوع الفجر فإنه يصح صومه حيث لم يغم عليه بعد ذلك جل النهار.

وعلم مما قررت أن قوله: فالقضاء جواب الشرط؛ أي باعتبار المحذوف الذي هو الخبر، فهو جار في المسائل الثمان. والله سبحانه أعلم.

وأشار إلى الحالتين الباقيتين من حالات الإغماء الست بقوله: لا إن سلم؛ يعني أن المغمى عليه إذا سلم أول النهار من الإغماء؛ بأن طلع عليه الفجر وهو سالم من الإغماء، فإنه لا قضاء عليه حيث أغمي عليه أقل النهار، بل ولو أغمي عليه نصفه؛ أي اليوم، فلا قضاء، ولو أغمي عليه فيما قبل لأنه أوقعها قبل الفجر أو معه، واحترز بقوله: "نصفه"، عما إذا أغمي عليه أكثر من نصفه فإنه يجب عليه القضاء، كما قال: "أوجله"، وقوله: "ولو نصفه"، هو مذهب المدونة، وقال ابن حبيب: لا يجزئه ولو كان أول النهار سالما، وعليه رد المصنف بلو، واتفق على الإجزاء فيما إذا كان الإغماء أقل النهار؛ وهو سالم أوله، وهو ظاهر كلام اللخمي. قاله الشارح. وظاهر كلام صاحب الطراز أن حكم الإغماء والجنون سواء؛ فإنه قال في باب الاعتكاف: إذا أغمي عليه أو جن، وكان في عقله حين الفجر أو أكثر النهار، ولم يخرج من المسجد حتى الليل، يجزئه عكوفه ذلك اليوم على ما مر في صحة صومه. والله أعلم قاله الحطاب.

وقال عبد الباقي: الراجح أن الجنون في يوم واحد يفصل فيه كالإغماء، وذكر المصنف المدة الطويلة في الجنون، وترك التفصيل في المدة القصيرة، وعكس في الإغماء باعتبار الغالب فيهما وإن كان الحكم فيهما واحدا، ولهذا يقدر ما قبل المبالغة -أعني قوله: "ولو سنين كثيرة"- يومين فما فوقهما. والله أعلم.

واعلم أن السكر حلالا أو حراما كالإغماء، فيفصل فيه تفصيله وكذا تغييب العقل مطلقا كان لعلة أم لا، ولا يجوز إن كان لغير علة، وأما النائم يوما أو يومين أو أكثر مع تبييت الصوم فلا قضاء عليه؛ لأنه لو نُبِّهَ لانتبه: هذا هو الظاهر لا ما لعبد الباقي من أن السكر الحرام كالإغماء في تفصيله، والحلال كالنوم، وأن تغييب العقل لعلة كالنوم ولغير علة كالإغماء؛ فإنه غير ظاهر. والله سبحانه أعلم. انظر حاشية محمد بن الحسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015