مالك، وإليه أشار بقوله: "ولو سنين كثيرة"، وقيل: إن بلغ مجنونا فلا قضاء عليه، وإن طرأ عليه الجنون فعليه القضاء، وقال محمد بن الحسن عند قوله: "ولو سنين": هذا قول مالك وابن القاسم في المدونة، ورد بلو ما حكاه ابن حبيب عن مالك والمدنيين إن قلت السنون كالخمس ونحوها فالقضاء، وإن كثرت كالعشرة فلا قضاء، وأتى المصنف "بكثيرة" بعد قوله: "سنين"، ليلا يصدق ذلك على ثلاثة مع أنها ليست من محل الخلاف. انتهى. والله سبحانه أعلم.

وتحصل مما مر أن الصور أربع: إحداها جن سنين قليلة بعد أن بلغ عاقلا؛ فعليه القضاء اتفاقا، الثانية جن سنين قليلة وأتى عليه البلوغ مجنونا، الثالثة والرابعة جن سنين كثيرة بلغ عاقلا أم لا، وهذه الثلاثة فيها القضاء على المشهور.

ولما كان للمغمى عليه ست حالات، أشار لأولاها بقوله: أو غمي يوما؛ أن المغمى عليه إذا تمادى به الإغماء يوما كاملا بأن أغمي عليه من قبل طلوع الفجر إلى أن غربت الشمس، فإنه يقضي ذلك اليوم ولا خلاف في هذا نص عليه غير واحد من الأشياخ. قاله الشارح.

وأشار إلى الحالة الثانية بقوله: أو جله؛ يعني أن المغمى عليه إذا تمادى به الإغماء جل النهار فإنه يجب عليه قضاء ذلك اليوم، سلم من الإغماء أوله أم لا، هذا هو مذهب المدونة، واستحب له أشهب القضاء. أو أقله؛ يعني أن الشخص إذا أغمي أقل النهار، وأولى إذا أغمي عليه نصف النهار، فإنه يجب عليه قضاء ذلك اليوم الذي أغمي عليه أقله أو نصفه ومحل وجوب القضاء عليه في مسألتي النصف، والأقل حيث لم يسلم من الإغماء أوله؛ أي أول النهار؛ بأن كان وقت النية مغمى عليه، وقد مر أن النية لا بد أن تكون مبيتة أو مع الفجر، فقوله: "أو أقله ولم يسلم أوله"، يشتمل على حالتين من حالات الإغماء يجب فيهما القضاء كما قررت، ولابد فيهما كما قال المصنف من أن يكون وقت النية سالما من الإغماء؛ بأن يطلع عليه الفجر وهو سالم من الإغماء، وقوله: "أو أقله ولم يسلم أوله"، هو نص المدونة، وفي سماع أشهب عن مالك: الإجزاء، وإنما يبطل الصوم في هذه المسائل الأربع من مسائل الإغماء لاختلال النية؛ لأن الإغماء يبطلها لو حصلت، فتبطل فيما إذا تمادى به الإغماء جل النهار، وفيما إذا لم يسلم أول النهار لفقدها عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015