قال ابن جزي: وأما الجزم فيتحرز به من التردد، فمن نوى ليلة الشك صيام غد إن كان من رمضان لم يجزه لعدم جزم النية، ولا يضر التردد بعد حصول الظن بشهادة أو باستصحاب كآخر رمضان: أو باجتهاد كالأسير. انتهى. وقد مر عند قوله: "وإن التبست" الخ، أنه لا بد من الجزم بالنية في ذلك، وفي النوادر عن المختصر، قال مالك: والتبييت أن يطلع الفجر وهو عازم على الصيام، وله قبل الفجر أن يترك ويعزم، فإذا طلع الفجر فهو على آخر ما عزم عليه من فطر أو صيام، ابن حبيب: ومن نوى أن يصبح صائما فهو بالخيار، إن شاء تمادى، وإن شاء ترك ما لم يطلع الفجر. قاله الحطاب.
تنبيهات: الأول: أول وقت النية في الصوم الغروب، ولا يضره ما حدث بعدها من أكل أو شرب أو جماع أو نوم، بخلاف الإغماء والجنون فيبطلان النية السابقة عليهما مطلقا، استمرا إلى طلوع الفجر أم لا، قاله محمد بن الحسن رادا على عبد الباقي في قوله: ولا يضره ما حدث بعدها من أكل أو شرب أو جملا أو نوم، بخلاف الإغماء والجنون فيبطلان النية السابقة عليهما إن استمرا لطلوع الفجر، وإلا لم يضرا. انتهى. قال محمد بن الحسن رادا عليه: بل الإغماء والجنون يبطلان النية السابقة عليهما مطلقا، لكن إن لم يستمرا للفجر أعيدت قبله وإلا لم يصح ذلك. انتهى، وفي حاشية الأمير تقوية ما لعبد الباقي. والله سبحانه أعلم.
الثاني: علم مما مر أن النية لا تكفي نهارا. ابن بشير: لا خلاف عندنا أن الصوم لا يجزئ إلا إن تقدمت النية على سائر أجزانه، فإن طلع الفجر ولم ينوه لم يجزه في سائر أنواع الصيام إلا يوم عاشوراء، ففيه قولان؛ المشهور أنه كالأول لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل (?))، والشاذ اختصاص يوم عاشوراء بصحة الصوم وإن وقعت النية في النهار، ولا خلاف عندنا أن محل النية الليل، ومتى عقدها فيه أجزأته، ولا تشترط مقارنتها للفجر بخلاف الصلاة والطهارة والحج، فلا بد من اشتراط المقارنة أو التقدم بالزمن اليسير على ما تقدم. انتهى بلفظه. قاله محمد بن الحسن. وقال الحطاب ما معناه أن النية لا تكفي نهارا خلافا لمن