تعجيل الفطر سنة وتأخير السحور مستحب، والأمر في ذلك قريب، والأصل في ذلك ما ورد في الصحيحين أن رسول الله صلى القه عليه وسلم، قال: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر (?)).
وفي سنن الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا (?))، وروى مالك في الموطإ: (من عمل الناس تعجيل الفطر والاستيناء بالسحور (?))، والمراد بتعجيل الفطر أن يكون ذلك بعد تحقق الغروب وعدم الشك فيه؛ لأنه إذا شك في الغروب حرم عليه الفطر اتفاقا، وفي النوادر: قال ابن نافع من مالك: وإذا غشيتهم الظلمة فلا يفطروا حتى يوقن بالغروب، وكذلك يستحب تأخير السحور ما لم يدخل إلى الشك في الفجر. قاله في المجموعة. انتهى. وتأخير سحور؛ يعني أنه يستحب تأخير السحور مع عدم الشك في الفجر، والسحور بالفتح: ما يتسحر به، وبالضم: اسم للفعل كالبخور بالفتح ما يتبخر به، وبالضم: الفعل وهو المراد هنا. كما قاله الشيخ إبراهيم. والفعل هنا هو الأكل في السحر، والسحر من نصف الليل الأخير إلى الفجر، وكلما تأخر كان أفضل، (فقد كان بين سحوره صلى الله عليه وسلم والفجر قدر ما يقرأ القارء خمسين آية (?)). كما في البخاري، وأشعر كلام المصنف بندب السحور وهو كذلك، فالسحور مندوب، وتأخيره مندوب ثان، فهما مندوبان.
وندب السحور، لخبر: (فصل ما بيننا وبين صوم أهل الكتاب أكلة السحر (?))، ولخبر: (تسحروا ولو بجرعة من ماء (?))، قال عبد الباقي: فكأنه قال: وسحور وتأخيره، وقال الشبراخيتي: وسكت المصنف عن حكم السحور، وهل هو سنة كما قاله عياض في قواعده أو مستحب كما قاله اللخمي وصاحب الإكمال حاكيا عليه إجماع الفقهاء؟ والأصل فيه خبر الصحيحين: (تسحروا فإن في السحور بركة) (?)؛ والبركة تقويته على الصوم ونشاطه، وتخفيف المشقة، عليه والدعاء في السحر، واتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها.