اختلف إذا حضرت الصلاة والطعام، فذهب الشافعي إلى تقديم الطعام، وذكر نحوه عن ابن حبيب، وحكى ابن المنذر عن مالك: يبدأ بالصلاة إلا أن يكون الطعام خفيفا. وفي الحطاب عن ابن ناجي: قلت: الأقرب ردهما إلى وفاق وهو البداءة بالصلاة إن لم يكن يتشوف للطعام فيكون الخلاف في حال، وبهذا التفصيل كان الشبيبي يفتي، وما ذكره عن عياض ذكره في الإكمال في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافع الأخبثين (?))، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قُرِّبِ العَشاء وحضرت الصلاة فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب (?)).
قال القاضي عياض: ووقع في غير مسلم في هذا الحديث زيادة حسنة تفسر المعنى؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا حضر العشاء وأحدكم صائم فابدءوا به قبل أن تصلوا (?)). وذكر المازري عن شيخه نحوه، فقال لما ذكر الحديثين المتقدمين: معناه أن به من الشهوة إلى الطعام ما يشغله من صلاته، فصار ذلك بمنزلة الحقن الذي أمرنا بإزالته قبل الصلاة، وقال في الطراز: ومن بلغ به الجوع ثم حضر الطعام والصلاة فليبتدئ بقضاء حاجته من الطعام؛ لأنه يتفرغ بذلك للصلاة، فإن بدأ بالصلاة فإن كان باله مشغولا بحيث لا يدري ما صلى فيعيد أبدا، وإن كان دون ذلك ولكنه يُقلِقُه ويعجله فحسن أن يعيد في الوقت، وإن كان إنما تتوق نفسه إلى الطعام من غير أن يشتغل فلا شيء عليه.
الجزولي: إذا حضر الطعام والصلاة، فإن كان يخاف أن يشغله قدم الطعام، وإن علم أنه لا يشغله أفطر منه بشيء يسير وصلى؛ لأنه يستحب الفطر قبل الصلاة ولو بالماء.
تنبيه: قد علمت أن تعجيل الفطر مندوب كما مشى عليه المصنف، وقد مر كلام عبد الباقي على المصنف، وقال الحطاب: وما ذكره المصنف من الاستحباب صرح به اللخمي وغيره، وجعل ذلك في الرسالة سنة، فقال: ومن السنة تعجيل الفطر وتأخير السحور، قال الشيخ أبو الحسن في الكبير، قال الحفيد: أجمعوا على أن من سنن الصوم تأخير السحور وتعجيل الفطر، وقال صاحب الجواهر: