وبهذا تعلم أن قول ابن رشد: إن من أصابه العطش الشديد فشرب، الصحيحُ أنه يكفر بالأكل والجماع بقيةَ يومه، إلا أن يتأولَ اختيارٌ منه لقول ابن حبيب: خلافُ المشهور. قاله البرزلي. قاله الحطاب. وفي حاشية الأمير: فلمن اضطر لشرب أن يأكل، ظاهره ولو قدم الأكل. وقال عبد اللك: إن بدأ بالجماع كفر وإلا فلا، وقال سحنون: لا كفارة عليه، ومن لم يقدر على الصوم نهارا لعادة، فله أن يبيت الفطر كمن أراد استعمال الدواء، وأرباب الحصاد يبيتون النية لاحتمال تخلفهم، ومنع مالك أرباب الصنائع من ارتكاب المشاق حتى يفطروا، وقال ابن محرز: يحتمل أن ذلك في الأغنياء دون الفقراء، ومعلوم وجوب حفظ المال. انتهى.
وفي المدونة: إذا احتاج لركوب الهدية ركبها، وليس عليه أن ينزل إذا استراح، وكذا إذا أبيح له تزويج الأمة بالشروط، وكذا من حلف بطلاق من يتزوج إلى سنين يدركها ثم خاف العنت، فإنه إذا أبيح له مرة فقط سقط يمينه. قاله الحطاب. فبسبب أن من زال عذره المبيح للفطر أثناء النهار في رمضان يجوز له أن يستمر على الإفطار بقية نهاره ولا يندب له الإمساك. لقادم من سفره المبيح للفطر وقدم مفطرا، الأكلُ والشرب بقية نهاره، وله أيضا وطء زوجة مسلمة بالغة عاقلة، وأمة كذلك إن طهرت الزوجة من حيضها أو نفاسها في يوم قدومه، وكذا الأمة، وأما الكافرة فيطؤها، وإن لم يكن لها عذر حيث لم تكن صائمة في دينها، ففي سماع أصبغ عن ابن القاسم أن النصرانية إذا كانت صائمة في دينها لا يفطرها زوجها المسلم، قال ابن رشد: وهذا مما لا اختلاف فيه أنه ليس له أن يمنعها مما تَشَرَّعُ به. قاله محمد بن الحسن. وكذا للقادم المذكور وطء مجنونة أو قادمة مثله، وكذا له وطء الصغيرة حيث لم تبيت الصوم، وانظر إن بيتته هل له أن يبطل صومها أم لا؟ قاله الحطاب، وغيره. وظاهر كلام اللخمي أنه ليس له أن يبطل صومها؛ لأنه قال: له وطؤها إذا كانت صغيرة ولم تصم، والظاهر أنه لا يعارضه قوله الآتي: "وليس لامرأة يحتاج لها زوج تطوع بلا إذن"، ومفهوم قوله: "طهرت"، أن المسلمة البالغة التي ليست بمريضة ولا ذات عذر لا يجوز له وطؤها، وهو كذلك وهذا ظاهر، وظاهر المذهب أنه له أن يطأ الكافرة، سواء كانت طاهرا قبل قدومه أو طهرت يوم قدومه، وقال ابن شعبان: لا يجوز، وإن وجدها بأثر