ينتهك بأن يعلم وجوب الإمساك عليه ولا يبالي بذلك، فتجب عليه الكفارة لانتهاكه لحرمة الشهر. قاله في المدونة. وحكى ابن بشير وابن الحاجب قولا بعدم الكفارة، وأنكره ابن عرفة، وقال: لا أعرفه، ومفهوم قوله: "إن انتهك"، أنه إن فعل ذلك غير منتهك بل تأول أنه لما لم يصح له صوم ذلك اليوم لعدم النية جاز له الفطر فإنه لا كفارة عليه؛ وهو كذلك. قال الحطاب. ولم أقف على خلاف في ذلك وهو من التأويل القريب، فيضم إلى المسائل التي يذكرها المصنف من التأويل القريب بعد هذا. والله أعلم.
ولو رأى الهلال شاهدان، وأخرا إلى طلوع الفجر من غير عذر بطلت شهادتهما، لقوله: وفي محض حق الله تعالى تجب المبادرة الخ، وكذا الشاهد الواحد لقوله: وعلى عدل أو مرجو رفع رؤيته، وقوله: "وإلا كفر إن انتهك"، هل الكفارة في ذلك للانتهاك وحده، أو للانتهاك مع الإفساد؟ وينبني على ذلك لو تعمد رجل أو امرأة الإفطار في رمضان، ثم تبين أنها حاضت قبل ذلك، أو أنه قبل الفجر فعليهما الكفارة على الأول لا على الثاني؛ لأنه لا إفساد حينئذ. قاله البرزلي. وقوله: "إن انتهك"، قد علمت أنه لا كفارة عليه إن تأول، قال عبد الباقي: وكذا لا كفارة عليه إن أفطر ذاهلا عن الحرمة والتأويل لأنه ناس. وإن غيَّمت ولم يُرَ فصبيحَتُه يَوْمُ الشك، غيمت بفتح الغين المعجمة وفتح الياء المشددة وفتح الميم، مبنيا للفاعل كما في القاموس والجوهري والمصباح، ومثله في الحطاب فاعله ضمير يعود إلى السماء كما يفيده عبد الباقي، فإنه قال: وإن غيمت السماء، معناه لابسها ما يمنع من رؤية الهلال لو ظهر كسحاب، ومعنى كلام المصنف أنه إذا كانت السماء ليلة ثلاثين من استهلال شعبان مغيمة أي متلبسة بغيم، ولم يثبت رؤية الهلال بعدلين، فإن صبيحة تلك الليلة هي يوم الشك المنهي عن صومه في الحديث. قوله: "فصبيحته"، من باب تسمية البعض: وهو الصبيحة باسم الكل، وهو اليوم. قاله الشيخ أحمد. وقال بعضهم: هذا لا يحتاج إليه والأولى كونه على تقدير مضاف؛ أي فصبيحته صبيحة يوم الشك، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وعند الشافعية أن يوم الشك صبيحة ليلة ثلاثين من شعبان إذا كانت السماء مصحية حيث تحدث بالرؤية من لا تثبت به كعبد وامرأة أو فاسق، وإشاعة رؤية لم تثبت لا صبيحة الغيم، ومال إليه ابن عبد السلام لخبر: (فإن غم عليكم