وقد علم مما مر أنه كما يثبت رمضان برؤية المنفرد في حق من لا اعتناء لهم بأمر الشهر، يثبت شوال برؤيته أيضا في حقهم، وهذا يجري فيما إذا ثبت بالمستفيضة، ثم شهد منفرد في المحل المذكور ليلة ثلاثين بهلال شوال، وفيما إذا ثبت الصوم بعدلين ثم شهد بشوال عدل في المحل المذكور ليلة ثلاثين مع صحو السماء؛ لأن شهادته بمنزلة شهادة عدلين، وأما إذا ثبت الصوم برؤية عدل بالمحل المذكور، ثم شهد عدل آخر برؤيه شوال ولم يره غيره ليلة ثلاثين مع الصحو، فالظاهر أنه لا يكذب؛ لأن الشاهد بشوال في المحل المذكور بمنزلة عدلين. وعلى عدل أو مرجو رفع رؤيته؛ يعني أنه يجب على من رأى الهلال وهو عدل، أن يرفع رؤيته للهلال إلى الحاكم رجاء انضمام آخر، فتكمل الشهادة، ولاحتمال كون الحاكم ممن يرى العدل كافيا، وكذا يجب على من رأى الهلال وهو مرجو العدالة أن يرفع رؤيته إلى الحاكم لتلك العلة. وقوله: مرجو العدالة؛ أي يرجى قبول شهادته عند الناس لجهل حاله عندهم، فيشبه أن تقبل شهادته أو يزكى، ويجب رفع الرؤية على المرجو ولو علم جرحة نفسه. قاله أشهب. قاله ابن عرفة. انظر الحطاب.

قال الحطاب: ولم أر من ذكر في هذا خلافا، بخلاف مسألة من شهد على عدوه، فإنه اختلف فيها، هل يخبر بالعداوة -وعليه مشى المصنف في باب الشهادات- أو لا يخبر بها، وصححه ابن رشد. انتهى.

وعلم مما مر أن الراد بالمرجو هنا من لم يظهر فسقه، فيشمل الفاسق المستور حاله عن الناس، كما مر. والله سبحانه أعلم. ونص الباجي: وظاهر الكتاب يرفع للإمام، ولو علم من نفسه أنه ليس من أهل القبول وهو كذلك. قاله أشهب. انتهى. والمختار وغيرهما؛ يعني أنه اختلف في وجوب رفع الشهادة برؤية الهلال، وندبه وتركه على من ليس عدلا ولا مرجو العدالة وهو الفاسق المعلوم الفسق، واختار اللخمي ندب الرفع له، والقوك بالوجوب نقله ابن بشير وابن الحاجب، وعزاه في التوضيح لابن عبد الحكم، والقول بالندب لأشهب، والقول بترك الرفع للقاضي. ابن عرفة: إن لم يكن عدلا ولا مرجوا ففي استحباب رفعه وتركه نقلا اللخمي عن أشهب والقاضي، ونقلُ ابن بشير بدل استحبابه وجوبَه لا أَعْرِفُه. انتهى. قاله الحطاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015