اعتناء لهم بأمره، نقله عن رؤية عدلين أو أحدهما لا تعتبر مطلقا. قاله عبد الباقي. وقال الأمير: لا يكفي نقل الواحد مجرد رؤية العدلين، اللهم إلا أن يرسل ليكشف الخبر فيكون كالوكيل سماعه بمنزلة سماع المرسلين له، فيجب عليهم على خلاف ولا أثر كما للناصر وغيره لكبره وارتفاعه، بحيث يقال ابن ليلتين، فقد ورد: آخر الزمان تنتفخ الأهلة، فكأنهم قاسوا عليه الارتفاع، والتزموا صريح الشرع من التعويل على مشاهدته. انتهى. وفي التوضيح: والتحقيق إنما قبل المؤذن الواحد دون مدعي رؤية الهلال؛ لأن المؤذن مستند في إخباره إلى أمر يطلع عليه غيره عادة، ولو أخطأ لكثر النكير عليه، بخلاف الهلال فإنه لا يعلم إلا بقوله. انتهى. الأبي: إنما تعتبر البينة في بلد بها قاض؛ لأنه الذي ينظر في البينة وعدالتها، ويتنزل منزلة القاضي جماعة من المسلمين ينظرون كنظره، فإن لم يكن في البلد معتن بالشريعة من قاض أو جماعة فذلك عذر يبيح الاكتفاء بالخبر بشرطه من الضبط والعدالة، وعلى هذا يقبل قول المرأة والعبد، وتكون هذه ضرورة تبيح الانتقال من الشهادة إلى الخبر كما ينقله الرجل إلى أهل داره، بل هو أولى. وفي المنتقى: إذا لم يكن بالموضع إمام، أو كان وَضَيَّعَ، فمن ثبت عنده برؤية نفسه أو برؤية من يثق به فيصوم بذلك ويفطر، ويحمل عليه من يقتدي به نقله الباجي وغيره عن عبد الملك.
وسئل أبو محمد عن قرى بالبادية متقاربة، يقول بعضهم لبعض: إذا رأيتم الهلال فنَيِّروا، فرآه بعض أهل القرى فنيروا، فأصبح أصحابهم صُوَّمًا، ثم ثبتت الرؤية بالتحقيق، فهل يصح صومهم؟ قال: نعم، قياسا على قول عبد الملك بن الماجشون في الرجل يأتي القوم فيخبرهم أن الهلال قد رئي. نقله عنه المشذالي في حاشية المدونة.
قلت: أما إذا كان يعلم أن المحل الذي فيه النار يعلم به أهل ذلك البلد، ويعلم أنهم لا يمكنون من جعل النار فيه إلا إذا ثبت الهلال عند القاضي أو برؤية مستفيضة، فالظاهر أنه ليس من باب نقل الواحد، وهذا كما جرت العادة بأنه لا يوقد القناديل في رؤوس المنابر إلا بعد ثبوت الهلال، فمن كان بعيدا أو جاء بليل ورأى ذلك فالظاهر أن هذا يلزمه الصوم بلا خلاف، فتأمله. والله أعلم. قاله الحطاب.