توالى ثلاثة على الكمال حمل على النقص، وإلا حمل على الكمال وهو محمل الحديث الثاني. انتهى. قال الحطاب: وتفسير مالك هو الحق الذي لا غبار عليه، وما عداه فيه ما فيه.
والحاصل أنه اختلف في الحديث على ثلاثة أقوال: قول الإمام إن الحديث الثاني تفسير للأول، وقول الطحاوي إنه ناسخ له، وقول ابن رشد بالجمع بينهما. قاله محمد بن الحسن. وتفسير مالك المتقدم عن الباجي هو الذي نسبه ابن حجر للجمهور، وقال فيه الحطاب: هو الحق الذي لا غبار عليه، وما عداه فيه ما فيه، وعلم من كلام المصنف أنه لا يلتفت لحساب المنجمين وهو كذلك كما يأتي للمصنف، وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى عند قوله: "لا بمنجم"، وفي كلام الأجهوري هنا نظر.
واعلم أن قولهم: "يثبت رمضان"، بكذا ليس المراد به خصوصية الثبوت عند القاضي، وإنما المراد ما هو أعم من ذلك؛ وهو أنه يثبت حكمه ويستقر وجوده عند القاضي وغيره. قاله الحطاب.
تنبيهات: الأول: ما ذكره المصنف من اشتراط عدلين في الشهادة هو المشهور، قال في المدونة: ولا يصام رمضان ولا يفطر فيه، ولا يقام الموسم إلا بشهادة رجلين حرين مسلمين عدلين. انتهى. وهذا في حق من لم ير الهلال بنفسه، وأما من رآه فيلزمه الصوم.
وتحصل مما مر أن رمضان لا يثبت بشهادة رجل وامرأة خلافا لأشهب، ولا بشهادة رجل وامرأتين خلافا لابن مسلمة، وفي النوادر: ولا يصام ولا يفطر بشهادة صالحي الأرقاء، ولا من فيه علقة رق، ولا بشهادة النساء والصبيان، ولا فرق في ذلك بين رمضان وغيره من المشهور إلا برؤية عدلين، وهذا هو المعروف، قال ابن عبد الحكم: رأيت أهل مكة يذهبون بهلال الموسم في الحج مذهبا لا ندري من أين أخذوه؛ لأنهم لا يقبلون في هلال الموسم إلا أربعين رجلا، وقيل عنهم خمسين، والقياس أن يجوز فيهم شَاهِدَا عَدْل كما يجوز في الدماء والفروج، ولا أعلم شيئا فيه أكثر من شاهدين إلا الزنى. وقال سند بعد أنَّ ذكر كلام ابن عبد الحكم: وعندي أنهم رأوا شأن الحج من أعظم العبادات البدنية وأعظم الحقوق، يعتبر فيه خمسون رجلا وهو القسامة في الدم، قاله الحطاب.