الثاني الذي يثبت به رمضان وهو الرؤية، وهي على وجهين: مستفيضة وسيأتي الكلام عليها، وغير مستفيضة وهي المراد هنا؛ يعني أن رمضان كما يثبت بكمال شعبان ثلاثين، يثبت برؤية عدلين ليلة ثلاثين من استهلال شعبان، كانا بصوب واحد أم لا ولكنهما متقاربان، ولو ادعيا رؤيته في الجهة التي وقع المطلب فيها من غيرهما وَلَمْ يُرَ، وأراد المصنف بالعدلين ما قابل المستفيضة وإن كانوا ثلاثة أو أكثر، وعند الحنفية كل مسلم عدل وكذا الشافعي في العبادات.
واعلم أن تعهد الأهلة فرض كفاية للمؤقتات الشرعية. قاله الأمير. وروى أبو داوود عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عدّ ثلاثين يوما ثم صام (?))، وفي الحديث: (الشهر تسعة وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له (?)). وقوله: الشهر تسعة وعشرون، قيل: إنه محمول على الغالب لقول ابن مسعود: (صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين (?))، أخرجه أبو داوود والترمذي، أو معناه أن الشهر يكون تسعا وعشرين وهكذا وقع في حديث أم سلمة في البخاري، وقوله: فإن غم عليكم، قال ابن حجر: بضم المعجمة وتشديد الميم؛ أي حال بينكم وبينه غيم، يقال: غممت الشيء إذا غطيته. قاله محمد بن الحسن. وقوله: فاقْدُروا له الباجي: عن إمامنا مالك: تقديره إتمام الذي أنت فيه ثلاثين، والتقدير يأتي بمعنى التمام؛ أي كقوله تعالى: {قد جعل الله لكل شيء قدرا}؛ أي تماما، وفسر مالك الحديث المذكور بالخبر الآخر: (فأكملوا العدة ثلاثين (?))، وهذا التفسير نسبه ابن حجر للجمهور، وقال الطحاوي: إن الحديث الثاني ناسخ للأول، وأن التقدير في الأول معناه أن ينظر إلى الهلال ليلة الواحد والثلاثين، فإن سقط لستة أسباع ساعة فهو من تلك الليلة، وإن سقط لضعفها فمما قبلها وأبطله ابن رشد. وقال عقبه. والذي أقول به في معنى التقدير المأمور به في الحديث أن ينظر في المشهور التي قبل شعبان، فإن