ومقابل المشهور قول ابن حبيب: إن تارك الصوم يقتل كفرا، قال في التوضيح: وقول ابن حبيب بالقتل كفرا في تارك الصلاة أقوى منه في الصوم؛ لأنه لا يوجد له هنا من الأدلة ما يوجد للصلاة، لأنا لا نعلم أحدا يوافقه على ذلك في الصوم إلا الحكم بن عيينة، بخلاف الصلاة فإنه وافق فيها جماعة من الصحابة والتابعين. انتهى. قاله الحطاب. وقال: فعلم منه أن المشهور أنه يقتل حدا، فقول القاضي عياض في قواعده: إنه يحبس ويمنع من الإفطار، مخالف للمشهور، وقد صرح بقتله لترك الصوم ابن يونس وغيره. والله أعلم.

وشرط وجوبه: النقاء، والبلوغ، وصحته: الإسلام، والعقل، وعدم الحيض والنفاس زمنه.

واختلف في الصوم الواجب قبله، فقال في الذخيرة: قيل عاشوراء، وقيل ثلاثة من كل شهر. انتهى. وذكر الهروي عن معاذ أن الواجب في أول الإسلام عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، وذكر عن عطاء أنه عاشوراء، واختلف في قوله: {كما كتب على الذين من قبلكم}، فقيل: المراد به رمضان، والذين كتب عليهم الأنبياء وأممهم، وأنه كان واجبا على من قبلنا فجاء في الحر فحولوه وزادوا فيه. قاله الشعبي. وقيل: التشبيه في مطلق الصوم وإن اختلف العدد وقيل غير ذلك. والله أعلم. قاله الحطاب.

وقال الخرشي: وهل وجب قبله صوم ثم نسخ، وعليه فهل ثلاثة أيام من كل شهر أو يوم عاشوراء أو هما؟ وهل النسخ برمضان أو بأيام معدودات، ثم برمضان أولا؟ أقوال. انتهى. وَأَوَّلُ مَا فُرِضَ رمضان، خير بين صومه وبين الإطعام، لقوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}، وكان في أول الأمر إنما يباح الأكل والشرب والجماع بعد الغروب إلى أن ينام المكلف أو يصلي العشاء فيحرم عليه جميع ذلك، ثم وقع لقيس بن صرمة بكسر الصاد المهملة وسكون الراء أنه طلب من امرأته ما يفطر عليه، فذهبت لتأتي له به قوجدته قد نام فأصبح صائما فغشي عليه في أثناء النهار، فأنزل الله عز وجل قوله تعالى: {علم الله أنكم كنتم}. الآية.

وروي أن عمر رضي الله عنه أراد وطء امرأته، فزعمت أنها نامت فكذبها ووطئها ثم خون نفسه، وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك جماعة من الصحابة عن أنفسهم، فنزل قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015