وعرفه ابن عرفة بقوله: كف بنية عن إنزال يقظة أو وطء وإنعاظ ومذي، ووصول غذاء غير غالب غبار أو ذباب أو فلقة بين أسنان لحلق أو جوف زمن الفجر حتى الغروب دون إغماء أكثر نهاره. ولا يرد بقول ابن القاسم يبر حالف ليصومن غدا فبيت وأكل ناسيا، لقول ابن رشد: هو رعي للغو الأكل ناسيا، وإلا زيد بعد أو جوف: غير منسي في تطوع، قال الرماصي: ذِكرُه الإنعاظ على مذهب ابن القاسم أنه ناقض للصوم وهو المشهور، ويبطل طرده بمن جومعت نائمة، وكذا من قاء متعمدا، وقوله: دون إغماء أكثر نهاره، إنما قيد به مع أن الإغماء قبل طلوع الفجر المستمر لطلوعه مبطل ولو كان قليلا؛ وهو مذهب المدونة؛ لأن هذا يغني عنه قوله: كف بنية؛ لأن من أغمي عليه قبل طلوع الفجر لا نية له، ولذا أبطل ولو قل، وقوله: بنية، أخرج به الكف بغير نية، والباء للمصاحبة، وقوله: يقظة، خرج به إنزال النوم فإنه لا أثر له في الشرع، وقوله: غير صفة لغذاء، وقوله: أو ذباب، معطوف على غبار، وقوله: أو فلقة بين أسنان، معطوف على غبار، وقوله: لحلق، متعلق بوصول، وقوله: أو جوف معطوف على لحلق، والمراد بالجوف العدة، وقوله: زمن الفجر، معمول للكف بنية فكأنه قال: كف بنية من زمن الفجر إلى الغروب. وقال الحطاب: قال ابن رشد: إمساك عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية، فيبطل طرده قولها: فيمن صب في حلقه ماء، ومن جومعت نائمة، ومن أغمي عليه أكثر نهاره أو أمذى يقظة. انتهى.
واعلم أن الصوم واجب كتابا، لقوله عز وجل: {كتب عليكم الصيام}، وسنة لقوله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت (?))، وإجماعا، قال الحطاب: أجمعت الأمة على وجوب صوم رمضان، فمن جحد وجوبه فهو مرتد، ومن امتنع من صومه مع الإقرار بوجوبه قتل حدا على المشهور من مذهب مالك. قال ابن عرفة: صوم رمضان واجب. جحده وتركه كالصلاة. انتهى. فيقتل حدا كالمتنع من الصلاة والوضوء وغسل الجنابة، ولا يقتله إلا السلطان،