أنه يشترط في إعطاء الزكاة للمدين مع ما مر أن يكون تداين هذا الدين في غير معصية، وأما إن تداينه -أي تحمله- في معصية وهي المراد بالفساد كزنى وشرب خمر وقمار، فإنه لا يعطى منها، وكذا لا يعطى منها من أنفق ماله فيما لا يجوز؛ لأنه يصرفه في مثل ما صرف الأول إلا أن يتوب أو يخاف عليه. قاله الشيخ إبراهيم. ونحوه لعبد الباقي، ونسبه للخمي، وأشار إلى الثالث بقوله: ولا لأخذها؛ يعني أنه لا يعطى من الزكاة من كان عنده كفاية سنة، فاتسع في الإنفاق بالتداين لأجل أن يعطى من الزكاة لأنه تحيل وقصد ذميم فعومل بنقيضه، بخلاف ما إذا كانت عنده ضرورة أي حاجة غير الاتساع، فاستدان لها ناويا أداءها من الزكاة فلا يمنع منها لأنه قصد صحيح، فيوفى له بقصده بأن يعطى منها. قاله عبد الباقي.

إلا أن يتوب، راجع لقوله: لا في فساد؛ يعني أن الشخص إذا تداين في فساد وتاب فإنه يعطى من الزكاة، قال الشارح مفسرا للمصنف: أي فلو تاب من تداين في فساد، كما إذا اشترى من أهل الذمة خمرا بدين في ذمته فإنه يعطى، ولم يحك بعض الأشياخ غيره، وأطلق ابن شأس الخلاف فيه، وحكى اللخمي جواز الإعطاء عن ابن عبد الحكم إذا حسنت حالته واستقربَهُ ابن عبد السلام؛ لأن المنع كان لحق الله تعالى، وهو مما تؤثر فيه التوبة، وإليه أشار بقوله: على الأخص. ومقابله ما تقدم عن ابن شأس فإنه أطلق الخلاف ولم يقيده بالتوبة؛ أي فلا يعطى منها إن تداينه في فساد تاب أم لا، وفيه الخلاف أنه يعطى منها تاب أم لا.

وتقدم أن الاستثناء راجع للأول وهو قوله: "لا في فساد"، وهل يجري في الثانية أو يقال التداين لأجل أخذ الزكاة ليس محرما حتى يحتاج إلى التوبة؟ قاله الشيخ أحمد. وعليه فمن تداين على الوجه المذكور لا يعطى منها بحال. انتهى. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: وقد يقال: يمكن رجوعه للثانية أيضا؛ لأنه لما تداين وعنده كفايته كان سفها، والسفه حرام. انتهى.

وعلم مما قررت أنه يشترط في الدين الذي تستحق الزكاة من أجله ثلاثة شروط: أن يكون لآدمي، وأن يتداين في غير معصية، وأن لا يتداين لأخذ الزكاة. وذكر شرط دفع الزكاة للمدين الذكور بقوله: إن أعطى ما بيده من عين؛ يعني أن الزكاة إنما تدفع للمدين بشرط أن يعطى ما بيده من العين فعلا أو تقديرا كعشرين وبقي عليه مثلها فتدفع من الزكاة ليوفي بها بقية دينه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015