معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها، فأعرض عنه فأتاه من قبل ركنه الأيمن، فقال مثل ذلك، فأعرض عنه فأتاه من قبل ركنه الأيسر، فقال مثل ذلك فأعرض عنه، فأتاه من قبل خلفه فقال مثل ذلك، فأخذها صلى الله عليه وسلم فخذفه بها فلو أصابته لأوجعته، وقال: (يأتي أحدكم بجميع ما يملك، فيقول: هذه صدقة, ثم يقعد يتكفف الناس، خير الصدقة ما كان على ظهر غنى (?)) يتكفف الناس: يسألهم ويطلب منهم ما يأخذ ببطن كفه، وروى النسائي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الصدقة على المسكين صدقة: وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة (?)). ودفع أكثر منه؛ يعني أنه يجوز أن يدفع للفقير والمسكين أكثر من النصاب؛ أي القدر الذي تجب فيه الزكاة بشرط أن لا يزيد على كفاية سنة. قاله غير واحد.

وكفاية سنة هذا هو الذي عليه المدار، ومعناه أن الفقير والمسكين إنما يعطيان كفاية سنة ولا يعطيان ما زاد على كفاية سنة؛ لأنهما إذا أخذا كفاية سنة زال عنهما الفقر والمسكنة، فصارا غنيين، والزكاة لا تدفع للأغنياء، فمتى أخذ واحد منهما ما يكفيه لسنة بنصاب أو دونه فإنه لا يأخذ بعد ذلك منها شيئا، وليس المراد بالسنة حقيقتها، وإنما المراد إعطاؤه بقدر ما يغنيه إلى وقت يعطى فيه، فإذا كانت الزكاة تدفع في السنة مرتين فإنه يعطى من كل واحدة ما يبلغه للأخرى. قاله الشيخ إبراهيم. وإذا كانت الزكاة لا تفرق كل عام فيأخذان أكثر من كفاية سنة كما في حاشية البناني؛ أي لأن المراد بكفاية السنة ما يغنيه إلى وقت يعطى فيه، ومنع المغيرة أن يعطى الفقير أو المسكين النصاب، ولم يحك ابن رشد غيره، وفي كلام المصنف بحث؛ إذ قوله: ودفع أكثر منه"، إن أراد به كفاية سنة فالواجب حذفه والاقتصار على قوله: "وكفاية سنة"، وإن أراد به ما يشمل الزيادة على كفاية سنة فليس له سند في ذلك. قاله الأجهوري. وقال الخرشي: ولا يعطى أكثر من كفاية العام حيث كان يرجى له شيء، وإلا أعطي ما يغنيه حيث كان حَالَ الأخذ فقيرا. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015