الحديث: (أعطوا السائل وإن جاء على فرس (?))، وقال في محل آخر: إن صدقة التطوع غير محرمة على أحد غير من ذكرنا، إلا أن التنزه عنها أحسن وقبولها من غير مسألة لا بأس به، ومسألتها غير جائزة إلا لمن لا يجد. انتهى. ويجوز أن يعطى في صدقة التطوع لأحد ما يقوم بعيشه إلى آخر عمره، وفي الموطإ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أرسل إلى عمر رضي الله عنه بعطاء فرده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم رددته؟ فقال: يا رسول الله أليس قد أخبرتنا أن خيرا لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عن المسألة، وأما ما كان من غير مسألة فإنما هو رزق رزقكه الله، فقال عمر رضي الله عنه: والذي بعثك بالحق نبيئا لا أسأل أحدا شيئًا ولا يأتيني من غير مسألة إلا أخذته (?)).

وروى الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (ما الذي يعطي من سعة بأعظم أجرا من الذي يقبل إذا كان محتاجا (?)).

الخامس: في الحديث: الصدقة لا تحل لغني يريد المفروضة، والمعروف من مذهب مالك أنه لا يحد في الغني حدا لا يتجاوز إلا على قدر الاجتهاد المعروف من أحوال الناس. نقله ابن زكري. قال: وإلى عدم التحديد في الغنى ذهب الشافعي وغيره من أهل العلم. انتهى.

السادس: اعلم أن للسائل حقا فلا ينبغي رده، ولا سيما وقد ورد في فضل الصدقة ما ورد، فقد روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه جاءه سائل، فقال له ابن عباس: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فتصوم وتصلي؟ قال: نعم، قال: سألت وللسائل حق، إنه لحق علينا أن نصلك فأعطاه ثوبا، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم يكسو مسلما ثوبا إلا كان في حفظ الله تعالى ما دام عليه منه خرقة (?))، وروى إمامنا مالك والشيخان والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تصدق أحد بصدقة من طيب -ولا يقبل الله إلا طيبا- إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015