استحيا هو من ذلك أو رجا أن يكون بيانه أنفع وأنجع من بيان السائل كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل لغيره في أحاديث كثيرة.
وفي الحطاب: ورأيت بخط بعض المغاربة ما صورته، قال بعضهم: الإنسان بالنسبة إلى أخذ الصدقة على قسمين: طالب، وغير طالب، فالطالب لها على قسمين: محتاج وغير محتاج, فالمحتاج يجوز له الأخذ مطلقا، وغير المحتاج يحرم عليه الأخذ مطلقا؛ وأعني بالمطلق سواء كان ما يأخذه من المتصدق واجبا عليه كالزكاة أو تطوعا، وأعني بغير المحتاج من عنده قوت يومه بالنسبة إلى طلب المتطوع، أو قوت سنة بالنسبة إلى طلب الواجب، والمحتاج عكسه، والقسم الثاني وهو غير الطالب لها على قسمين أيضا: محتاج وغير محتاج، فالمحتاج يجوز له الأخذ مطلقا: وغير المحتاج يجوز له الأخذ من التطوع دون الواجب، وأما قدر المأخوذ لمن يجوز له الأخذ فلا حد له ولا غاية. انتهى ما رأيته وهو حسن إلا أنه غير معزو. والله أعلم. انتهى كلام الحطاب. قوله: وهو حسن أفاد به أنه مرضي عنده، ومن تأمل ما مر علم أن هذا يعتمد عليه وأنه صحيح، إلا أن قوله: وأما قدر المأخوذ لمن يجوز له الأخذ فلا حد له ولا غاية، خاص بصدقة التطوع كما هو ظاهر، ويأتي ما يدل له عند قوله: "وكفاية سنة"، لكن نقل الحطاب ما يفيد أنه يعطى الفقير من الزكاة ما يزيد على غناه. والله سبحانه أعلم. قاله جامعه عفا الله عنه. وإلا أن قوله أن غير المحتاج حيث لم يكن طالبا يجوز له الأخذ من التطوع، قال فيه علي الأجهوري: ما لم يعلم أو يظن أن الدافع دفع له على ظن صفة ولم يكن متلبسا بها، وانظر إذا شك في ذلك هل يكون الحكم كذلك فيحرم الأخذ أم لا، وأما الطالب غير المحتاج فإنما حرم عليه الأخذ من صدقة التطوع؛ لأن طلبه مظنة أن الدافع يعتقد أو يظن أنه محتاج. انتهى. قوله: وانظر إذا شك في ذلك لخ، الظاهر جواز الأخذ حينئذ، والله سبحانه أعلم. قاله جامعه عفا الله عنه. وقال النووي رحمه الله تعالى: اتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة، قال: واختلف أصحابنا في سؤال القادر على الكسب على وجهين: أحدهما التحريم لظاهر الأحاديث، والثاني يجوز مع الكراهة بثلاثة شروط: أن لا يُلِحَّ، ولا يذل نفسه زيادة على ذل السؤال، ولا يؤذي المسؤول، فإن فقد شرط من ذلك حرم. انتهى. واعلم أن ما أتى من غير مسألة ولا