ثم استقبل بالثمن حولا من يوم زكاة عينه فيما إذا كان نصابا أو ثمنه إن لم يكن نصابا، لكان أحسن. والله أعلم. انتهى. قوله: وإن أوجبنا الزكاة على حكم الأصول؛ يعني فرعنا على القول بأنها ربح. والله سبحانه أعلم.
ولما فرغ من الكلام على زكاة الربح والفوائد والغلة، شرع في الكلام على زكاة الدين، فقال: وإنها يزكى دين؛ يعني أن دين المحتكر؛ وهو الذي يرصد الأسواق سواء كان عينا أو عرضا، إنما يزكى لسنة من أصله بشروط تأتي، والمحصور قوله: "وإنما يزكى دين"، والمحصور فيه قوله الآتي: لسنة من أصله، والشروط ليست من المحصور، ولا من المحصور فيه. قاله الشبراخيتي. فالشروط ليست هي مصب الحصر، وأشار لاثنين من الشروط بقوله: إن كان أصله عينا بيده؛ يعني أنه يشترط في زكاة هذا الدين لسنة من أصله أن يكون أصله -أي الدين- بيد مالك الدين، والمراد بالأصل المال الذي نشأ عنه الدين، كما لو أقرض عشرين دينارا مثلا لشخص، والعشرون بيد مالكها الذي أقرضها لذلك الشخص، فإنه يزكي العشرين التي على المقترض إذا أخذها من المقترض، بشرط أن يكون قد مضى لأصلها سنة، وأصلها هو العشرون التي أقرضها، وإيضاح ذلك أنه يشترط أن تكون العشرون -مثلا التي أقرضها- بيده؛ أي بيد مالك الدين، واحترز بذلك مما إذا لم يكن أصل الدين بيد المالك، وإنما كان في يد موروثه، أو بيد من وَهَبَ له الدين، أو من يقوم مقامه، أو كان أصْلَه صداقٌ بيد زوج أو من يقوم مقامه، وأقرضته المرأة أو الوارث وهو بيد من ذكر، فإنه إذا أخذ من المقترض لا يزكيه لسنة من أصله، وإنما يزكيه لحول من يوم قبضه. والله سبحانه أعلم. ولو قدم المصنف قوله: "بيده"، بأن يقول: إن كان أصله بيده عينا أو عرض تجارة لكان أولى، قاله محمد بن الحسن. وقوله: "عينا"، معناه أن هذا الأصل الذي بيد المالك للدين لابد فيه أيضًا أن يكون عينا أقرضها، كما مثلت.
أو عرض تجارة، عطف على قوله: "عينا"؛ يعني أن هذا الأصل الذي نشأ عنه الدين لابد فيه من أحد أمرين، إما أن يكون عينا كالمثال المتقدم، وإما أن يكون عرض تجارة أي تجارة محتكر، فإذا كان كذلك فإنه يزكيه المحتكر بعد قبضه لسنة من أصله، وأما إن لم يكن الأصل عينا ولا عرضا من عروض التجارة؛ أي من احتكار بأن كان أصله عرضا من عروض القنية أو الميراث، أو