وقال عبد الباقي عند قوله "فلا زكاة": فيهما عند ابن القاسم، لاشتراطه اجتماع الفائدتين في الملك وكل الحول، وقال أشهب: يزكيهما لأنه يشترط اجتماعهما في الملك وبعض الحول. انتهى. وتقدم قول المدونة: إلَّا أن يكون عنده مال، أفاده معه أو قبله، قال محمد بن الحسن: معناه -والله أعلم- أفاده مع فائدة الثاني أو قبله لا مع حوله، ويدل على هذا قولها: وفي هذا الأوسط. تأمله. انتهى.
واعلم أن الخلاف جار بين ابن القاسم وأشهب في الثانية إن كانت الأولى فقط نصابا وأنفقها بعد حولها، وفي الأولى فقط إن كانت ناقصة والثانية كاملة، فأنفق الأولى بعد حولها وفيهما معا إن كانتا ناقصتين، وفي مجموعهما نصاب فأنفق الأولى بعد حولها، وفيما عدا ذلك الاتفاق. انظر حاشية الشيخ بناني.
ولما أنهى الكلام على الفوائد، أتبعه بالكلام على الغلة عاطفا على بفائدة، فقال: وبالمتجدد عن سلع التجارة بلا بيع؛ يعني أن الشخص يستقبل بالنقد المتجدد: أي الناشئ عن سلع التجارة أي السلع التي قصد بشرائها بيعها ليربح في ثمنها، حال كون هذا النقد المتجدد عنها أي الناشئ عنها حاصلا بلا بيع رقابها، وإيضاح هذا أن من اشترى سلعا ليتجر بها، ونشأ له عنها نقد بلا بيع لرقابها، بل بسبب كرائها، يستقبل بزكاته حولا من يوم أخذه؛ لأنه كفائدة، ولا يزكيه لحول الثمن الذي اشتريت به السلع، وأما لو بيعت سلع التجارة؛ وهو مفهوم قوله: "بلا بيع"، لكان الربح حوله حول الأصل، كما مر عند قوله: "وضم الربح لأصله"، وقال الحطاب شارحا للمصنف: أي واستقبل بالمتجدد عن سلع التجارة إن كان في عينه الزكاة كالدراهم والدنانير، وإلا استقبل بثمنه حولا كما صرح به في المدونة، وكأن ذلك فائدة أفادها، وفهم منه أنه يستقبل بالمتجدد عن سلع القنية بلا بيع من باب أحرى؛ وهو مفهوم قوله: "التجارة"، وكذا يستقبل بالمتجدد عن السلع المكتراة للقنية، وأما السلع المكتراة للتجارة بغلتها، فغلتها كالربح تضم للأصل، كما مر في قوله: "كغلة مكترى للتجارة". قاله الشبراخيتي، وغيره. وقوله: "عن سلع التجارة"، يشمل العبيد وغيرهم، ولهذا قال: كغلة عبد، مثال للنقد المتجدد عن سلع التجارة بلا بيع؛ يعني أن الشخص إذا اشترى عبدا للتجارة فاستغله بالكراء، فإنه يستقبل