والحاصل: أن الثمار المغصوبة يزكيها ربها لكل عام مضى، والعين لا يزكيها ربها إلَّا لعام واحد، وفي الماشية قولان، المشهور أنَّها تزكى لكل عام مضى. قوله: "لا مغصوبة"، الفرق بينها وبين المودعة والمتجر فيها كونُها في الذِّمة، فلا تزكى إلَّا بعد القبض دون المودعة والمتجر فيها، فإنهما على ملك ربهما، ولهذا إذا كان الغاصب موسرا بحيث يكون عنده ما يجعله في مقابلتها غيرها فإنه يزكيها كما مر، وبهذا يظهر لك الفرق بين الماشية المغصوبة والعين المغصوبة. وبالله تعالى التوفيق. انظر الحطاب رحمه الله.
ومدفونة؛ يعني أن العين المدفونة، قال عبد الباقي والشبراخيتي: بصحراء أو بعمران إذا ضل صاحبها عنها، كان ذلك لأمر حدث كجنون أم لا، يزكيها ربها لعام واحد إذا وجدها، وأما لو كان عالمًا بها وتركها مدفونة اختيارا لزكاها لماضي الأعوام. انتهى. وقال محمد بن الحسن: ابن يونس عن ابن المواز: من سقط له مال أو ضاع أو غُصِبَهُ، ثم وجده بعد أعوام فليزكه لعام واحد. وقاله مالك وأصحابه. وأما لو دفنه فنسي موضعه ثم وجده بعد سنين، فليزكه لكل سنة، قال محمد: إلَّا أن يدفنه في صحراء أو في موضع لا يُحَلُّ فليزكه لعام واحد، كالمال المغصوب، ثم قال ابن يونس: ولا يختلف في المال في موضع يحاط به ثم يجده أنه يزكيه لسائر السنين. انتهى منه، فانظر مع هذا قول الزرقاني: بصحراء أو عمران الخ.
وقوله: "ومدفونة"، قال عبد الباقي: وفي بعض التقارير أن محل المصنف إذا ضل عنها لغير أمر حادث، فإن ضل عنها بجنون حدث فإنها تكون كمال جنون، وفيه نظر؛ إذ مال المجنون الذي تتعدد فيه بتعدد الأعوام ما يمكن تنميته لا مالًا تمكن تنميته. وضائعة؛ يعني أن العين الضائعة أي التي سقطت من ربها دون دفن ولم تلتقط، أو التقطت ثم أخذها ربها بعد أعوام، فإنها تزكى لعام واحد، ولا زكاة على الملتقط إن حبسها لربها أو للتصدق بها عنه ولم يتصدق بها، فإن حبسها بعد نية تملكها أو ليأكلها صارت دينا عليه، فيزكيها بعد عام من يوم نيته إن كان عنده ما يجعل في الدين، وقيل حتى يحركها. ابن عرفة: وفي صيرورتها دينا على ملتقطها بإرادة أكلها أو بتحريكها نقلا الشيخ عن سحنون مع المغيرة، وعن ابن القاسم: وعلة الثلاثة في المصنف عدم القدرة على تنميتها، وينبغي أن يكون حكم الماشية الضائعة حكم الماشية المغصوبة.