وفي كتاب الأمير: أن الزبيب كالتمر، وشبه التمر بالحب في الحكم المذكور لكن على تفصيل بينه، بقوله: كالتمر نوعا أو نوعين؛ يعني أن التمر إذا كان نوعا واحدا، أخذت منه الزكاة كيف كان جيدا أو رديا أو وسطا، وكذلك إن كان نوعين كصيحاني وبرني، قال عبد الباقي: فإن كان النوع الواحد أصنافا أخذ من كلِّ صنف بحسبه، لا من وسط أصناف ذلك النوع الواحد. انتهى. قال محمد بن الحسن: هو غير ظاهر. انتهى. وإلا؛ أي وإن لا يكن التمر نوعا واحدا ولا نوعين، بل كان أنواعا: فإن الزكاة تخرج من أوسطها؛ أي الأنواع لا من أعلاها ولا من أدناها، قال الشبراخيتي: والمراد بالأنواع الأجناس، فالنوع الواحد كالبرني مثلا إذا تعددت أصنافه فإنه يؤخذ من كلّ صنف بحسبه. انتهى. وقد تقدم نحوه لعبد الباقي، وما ذكره المصنف ذكر عن أهل الذهب ما يوافقه، ورد تعقب ابن غازي عليه، وظاهر كلام المصنف مراعاة الوسط، سواء كانت الأنواع متساوية أو بعضها أكثر من بعض، تقارب اختلافها أو تباعد، وهو قول أشهب.

وقال عيسى بن دينار: يؤخذ من الأكثر، وكلام التوضيح الذي نقله بعض الشراح يفيد ترجيح قول عيسى، وانظر هزا مع ما تقدم من أن الأدنى لا يجزئ عن الأعلى، والفرق بين الحب والتمر أنه لو أخذ من كلّ صنف من التمر ما ينوبه لشق ذلك لاختلاف أنواع الحائط، قال سند: إن التمر يكثر اختلافه حتى أن الاختلاف يكون في ثمرة النخلة الواحدة. انتهى. وانظر إذا تعدد الوسط، كما إذا كان نوع أعلى ونوع أدنى، وثم نوعان كلّ منهما دون الأعلى، وفوق الأدنى وهما مختلفان جودة ورداءة، هل يخرج من كلّ إن تساويا قدرا وإلا فمن الأكثر؟ أو يخرج من كلّ مطلقًا؟ انتهى. قاله غير واحد. فإن كان الوسط ثلاثة أنواع، فمن وسطها؛ لأن وسط الوسط وسط، وهل الزبيب كالحب أو كالتمر؟ نقلا اللخمي وابن بشير عن المذهب، ولا يخفى أن في كلام الأئمة هنا إطلاق الجنس والنوع على المصنف وإطلاق المصنف عليهما، ولا مشاحة في ذلك.

واعلم أن الراجح في الزبيب أنه كالتمر، وفي الحطاب عن اللخمي: واختلف في التمر، فقال مالك: إن كان جنسا واحدا أخذ منه، ولم يكن عليه أن يأتي بأفضل منه، وإن كان أجناسا أخذ من الوسط، وقال في كتاب محمد: يؤخذ من كلّ صنف بقدره، وفي المقدمات: من أراد أن يخرج من صنف عن صنف آخر ما وجب عليه منه بالكيل، جاز من الأرفع ولم يجز من الأدنى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015