الأولين حتى حصل الثالث، فيزكى الجميع زكاة واحدة، فإن لم يكن في الوسط مع كلا الطرفين نصاب وفيه معهما على المعية نصاب، فقال اللخمي وابن رشد: لا زكاة في الجميع، وإليه أشار بقوله: لا أول لثالث؛ أي أنه لا يضم أول لثالث زرع بعد حصاده وقبل حصاد الوسط، مثل أن يكون في كل وسقان، وكذا لا يضم ثالث لثان زكي مع الأول حيث لم يبق من الثاني بعد الزكاة ما يصير به مع الثالث نصابا، وإلا وجبت الزكاة في الثالث، وإذا كان يَكْمُل من الوسط مع أحد الطرفين فقط نصاب، فإنه يضم له ما يكمله نصابا ولا زكاة في الآخر كما لو كان الأول ثلاثة والثاني وسقين والثالث وسقين، فيزكي الأول والثاني دون الثالث، واختار ابن عرفة من عند نفسه زكاة الثالث في الفرض المذكور، فإن كمل النصاب من الوسط والثالث فقط زكاهما دون الأول.
قال مفيد هذا الشرح عفا الله عنه: وتحرير المسألة أن تقول: الأقسام أربعة؛ أحدها: أن يكون في الوسط مع كل منهما نصاب، فإنه يزكي الجميع؛ وهذه هي قوله: "فيضم الوسط لهما"، بشرط أن يبقى من حب الوسط للثالث ما يتم به النصاب، وكذا يقال في ضم الوسط للأول. ثانيها: أن يكون في الوسط معهما على المعية نصاب، ولا يكون فيه مع واحد من الطرفين نصاب كما لو كان في كل وسقان فإنه لا زكاة في الجميع، وإليه أشار بقوله: لا أول لثالث. ثالثها: أن يكون في الوسط مع الأول نصاب، ولا يكون فيه أي الوسط مع الثالث نصاب، فيزكي الوسط مع الأول حيث بقي من حب الأول لحصاد الوسط ما يصير به معه نصابا، ولا زكاة في الثالث.
قال جامعه عفا الله عنه: وهذه يتناولها قوله: لا أول لثالث. والله سبحانه أعلم. مثال هذا الأخير ما لو كان للأول ثلاثة أوسق والثاني وسقين والثالث وسقين، فيزكي الأول والثاني دون الثالث، واختار ابن عرفة من عند نفسه زكاة الثالث في الفرض المذكور. رابعها: أن يكون في الوسط مع الثالث نصاب، ولا يكون فيه أي الوسط مع الأول نصاب، فيزكي الوسط والثالث دون الأول، ولو بقي لوجوب زكاتهما، ووافق ابن عرفة غيره على هذا ويشمله قوله: لا أول لثالث، كما قاله الشبراخيتي. فقوله: "لا أول لثالث"، شامل للأقسام الثلاثة الأخيرة. والله سبحانه أعلم. وقوله: "إن زرع أحدهما قبل حصاد الآخر"، هو قول ابن مسلمة، واقتصر عليه ابن رشد وصدر به اللخمي. وفي كتاب ابن سحنون عن مالك: أن المعتبر اجتماعهما في فصل من فصول