وكذا يقال فيما يَيْبَسُ بالفعل وليس بمراد، فيحمل قوله: "مقدر الجفاف"، على ما يجف بالفعل، ومثله ما يَيْبَسُ بالفعل، وأكل كل قبل جفافه ويبسه. قاله الشيخ عبد الباقي. قال: ويدل عليه فوله: وإن لم يجف؛ يعني أنه يعتبر ما ينقصه الجفاف مطلقا، سواء كان مما يجف أو ييبس، وأكل كل قبل جفافه أو يبسه، أو كان مما لا يجف ولا ييبس، فإذا نقصة الجفاف تقديرا بما ينقص به عن النصاب فلا زكاة فيه، وإن كان يبلغ خمسة أوسق بلا تقدير الجفاف.
ومثلوا لما لا يجف بعنب مصر وبلحها وزيتونها بعد الطيب، وقوله: "يجف"، بكسر الجيم وفتحها بنقل حركة العين إلى الفاء في الوجهين.
واعلم أن محل هذا بعد الإفراك، فلا ينافي أن ما أكل قبل الطيب لا زكاة فيه، كما يأتي بيانه إن شاء الله عند قوله: "والوجوب بإفراك الحب"، وعند قوله: "وفول أخضر"، وقوله: "مقدر الجفاف"، هذا التقدير هنا غير التخريص الآتي في قوله: "وإنما يخرص التمر والعنب"، كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وقوله: نصف عشرة، قد مر عن الحطاب أنه عطف على قوله: "زكاة نصاب النعم"، وأن المجرور -أعني قوله: "في خمسة أوسق"- يتعلق بتجب من قوله: "تجب زكاة نصاب النعم"، ويحتمل وجها آخر وهو أنه مبتدأ وخبره قوله: "في خمسة أوسق". ومعنى كلام المصنف أن الواجب إخراجه في الزكاة؛ أي زكاة الحب والثَّمَر يتنوع إلى ثلاثة أنواع في المسقي بالآلة، ومثلها في غيره كما يأتي، أحدها نصف العشر وهو واجب في التمر والزبيب الذين يجفان، والحب الذي لا زيت له كالقمح والشعير والسلت والدخن والذرة ونحو ذلك من الحب الذي له زيت، ثانيها أشار إليه بقوله: كزيت ما له زيت؛ يعني أن الحب الذي لجنسه زيت كالزيتون ونحوه مما مر، يجب أن يخرج من زيته نصف العشر حيث بلغ الحب خمسة أوسق، ولا يشترط في الزيت بلوغه ما يخرج من خمسة أوسق عادة، بل متى ما بلغ الحب خمسة أوسق أخرج نصف عشر الزيت قل أو كثر، خلافا لا جزم به اللخمي وساقه كأنه المذهب، من أنه: إذا قحطت السماء على الزيتون فحط زيته عن المعتاد بالشيء البين، فصار إلى النصف وما أشبه ذلك، لم تجب الزكاة في خمسة أوسق منه. انتهى من الرهوني. فإن لم يبلغ لم