يتراجعان فيما أخذ الساعي بالقيمة، فإذا كان لأحدهما مائة شاة وللآخر خمسة وعشرون فقط فأخذ شاتين، فإنهما يتراجعان في الشاتين على صاحب المائة أربعة أخماسهما؛ وهي قيمة شاة وثلاثة أخماس من قيمة شاة، وعلى صاحب الخمسة والعشرين خمسهما؛ وهو خمسا قيمة شاة هذا قول محمد وسحنون، وقيل: على صاحب المائة شاة، وتقسم الثانية على مائة وخمسة وعشرين على صاحب المائة أربعة أخماسها، وعلى صاحب الخمسة والعشرين خمسها؛ وهو مذهب ابن عبد الحكم. وإنما تراجع الخلطاء في المسألتين لأن أخذ الساعي بالتأويل يشبه حكم الحاكم في مسائل الخلاف فلا ينقض، وإذا أخذ الساعي في المسألة الأولى شاتين كانت إحداهما مظلمة وترادوا في الأخرى بينهم إن استوت قيمتهما، وإن اختلفت فنصف قيمة كل شاة مظلمة، وترادوا في النصفين الآخرين، ومثل تأول الساعي لو ظن أن الغنم كلها لواحد لأن اجتماعهما أوجب الخطأ عليهما. قاله الخرشي. ومفهوم زاد للخلطة أنه لو لم يزد لها كأن يكون لأحدهما سبعون من الغنم وللآخر ثلاثون، فأخذه زائدا عن شاة محض ظلم وغصب. والغصب هو ما أشار إليه بقوله: لا غضبا؛ يعني: أنه إذا كان أخذه -أي الساعي- في جميع ما مر على غير تأول، بأن لم يقلد من يرى ذلك وإنما أخذ ما أخذ غصبا أو جهلا، فإنه لا رجوع للمأخوذ منه على الآخر بشيء لأنه محض ظلم.

والحاصل أن هذه المسألة على أربعة أقسام: متأول وظان أن الماشية لمالك واحد يترادان على ما مر، وقد مر أن المتأول هو المقلد لمن يرى زكاة الخلطة في ذلك، وأما من ظن أن ذلك هو الحكم فإنه جاهل، والغاصب والجاهل لا تراجع فيما أخذاه والله سبحانه أعلم.

ولم يكمل لهما نصاب؛ يعني أن الخليطين أو الخلطاء إذا لم يكمل لهما أولهم نصاب وأخذ الساعي شاة من أحدهما، فإنه لا رجوع للمأخوذ منه على الآخر بشيء؛ لأن ما يأخذه إنما هو بطريق الغصب أو الجهل، قال غير واحد: وهذا يغني عنه ما قبله، ولو كان لأحدهما أربعون وللآخر ثلاثون فإنما تلزم شاة وهي على صاحب الأربعين، فإن أخذت من غنمه فواضح، وإن أخذت من غنم صاحبه رجع بها عليه، فإن أخذ شاتين من غنم صاحب الأربعين لم يرجع بشيء على صاحبه، وإن أخذهما من صاحبه رجع على صاحبه بقيمة واحدة، وإن أخذ من كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015