ذكرناه في تفسير كلام أشهب نحوه لأبي الحسن في شرح المدونة، وبه تعلم أن ابن حبيب يتفق مع أشهب في البداءة ويختلفان في الختم، واعتراض الأجهوري غير صحيح. انتهى. وقد علِمتَ من كلاميهما أن الميت يوضع على النعش على ظهره وجهه مقابل للسماء، وقد مر أنه يصلى عليه في النعش ولا يلاصقه المصلي عليه، بل تكون بينهما فرجة، فمقتضى هذا: أن الميت إذا كان يصلى عليه يجعل على ظهره مقابلا للسماء -كما مر- وقد نص الاندزالي على أن رد وجه الجنازة للقبلة عند الصلاة أو حالة الممات بدعة، فقال:

ومن بدائعهم التهليل ... بالجهر عند رفعها خليل

كرد وجهها لدى الصلاة ... لقبلة أو حالة الممات

يعني قبل أن تزهق روحه. والله سبحانه أعلم. وخروج متجالة؛ يعني أنه يجوز خروج المتجالة في جنازة كل أحد قريبًا كان أو أجنبيا للصلاة عليها ولتشييعها. أو إن لم تخش منها الفتنة؛ يعني أنه يجوز خروج الشابة التي لا تخشى منها الفتنة في الجنازة، لكن لا يجوز خروجها إلا في جنازة من عظمت مصيبتها به، وذلك كأب، وأم، وزوج، وابن، وبنت، وأخ شقيق، أو لأب، أو لأم، وأخت كذلك. قال الشيخ علي الأجهوري: ظاهره كالمدونة عدم خروجها لجنازة عمها، مع أنه ورد في الكتاب والسنة أنه أب. انتهى. قال الشيخ عبد الباقي مجيبا عن اعتراض شيخه ما ورد في التعظيم والاحترام، لا في الحنانة والشفقة كمن ذكر في خروجها لهم فعظم مصيبتها بهم أقوى عادة فلم تدخل الكاف سوى من ذكر من الأم والبنت: ويكره خروجها لغير من ذكر فإن خُشِيَ منها الفِتْنَةُ حرم مطلقاً. انتهى كلام الشيخ عبد الباقي. قال الشيخ محمد بن الحسن بناني: كونها لا تخرج في العم وإن كان ظاهر المدونة، لكن عزا لها ابن عرفة عدم الاقتصار على من ذكر، وعبارته عنها الشابة تمنع في غير الولد والوالد والزوج ونحوهم. انتهى. وهكذا في عبارة ابن رشد، ونصها: فالنساء في شهودها ثلاثة؛ متجالة، وشابة، ورائعة ضخمة، فالمتجالة تخرج في جنازة القريب والأجنبي، والشابة تخرج في جنازة أبيها وأخيها ومن أشبههما من القرابة، والمرأة الرائعة الضَّخمة يكره لها الخروج أصلاً والتصرف بكلِّ حال، هذا هو المشهور. انتهى من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015