وتعزية؛ يعني أن التعزية مندوبة، وقيل: سنة، والتعزية هي الحمل على العزاء؛ أي الصبر بوعد الأجر والدعاء للميت وللمصاب، لخبر: (عظم الله أجْرَك وأحسن عزاءك وغفر لميتك (?))، وندبت التعزية لخبر: إن الله يلبس الذي عزاه لباس التقوى، ولخبر: (من عزى مصابا فله مثل أجره (?))، ولخبر: (من عزى ثكلى كسي بردا في الجنة (?))، وتكون في كل ميت صغيراً أو كبيراً، حرا أو عبداً، رجلاً أو امرأة، هذا هو المعتمد. ولمالك: يعزى من النساء بالأم خاصة والمعتمد خلافه كما قاله الشيخ عبد الباقي، ويعزى المميز صغيراً أو كبيراً لا غيره ولا الشابة. الشافعي: إلا أن تكون ذا رحم محرم. ابن عرفة: وتعزى المتجالة، وتركه أحسن كالسلام عليها، ويعزى الرجل بقرينه الصالح وزوجته الصالحة؛ لأنها من المصائب؛ ولا يعزى مسلم بكافر عند مالك خلافًا للشافعي، واختار ابن رشد تعزية المسلم بأبيه الكافر مخالفاً لمالك، قائلاً: ليس منع الدعاء للميت الكافر والترحم عليه والاستغفار بالذي يمنع من تعزية أبيه المسلم أو ابنه المسلم بمصابه؛ إذ لا مصيبة على الرجل أعظم من أن يموت أبوه الذي كان يحن عليه وينفعه في دنياه كافراً، فلا يجتمع به في الآخرة فيهون عليه مصيبته ويسليه عنها ويعزيه بمن مات للأنبياء والأبرار عليهم الصلاة والسلام من القرابة والآباء الكفار، ويحضه على الرضا بقدر الله ويدعو له بجزيل الثواب؛ إذ لا يمنع أن يؤجر المسلم بموت أبيه الكافر إذا شكر الله وسلم لأمره ورضي بقضائه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا يزال المؤمن يصاب في أهله وولده حتى يلقى الله وليست له خطيئة (?))، وهل يشك أحد في أن النبي صلى الله عليه وسلم أجر بموت عمه أبي طالب، لما وجد عليه من الحزن والإشفاق؟ انتهى كلام ابن رشد. قال الشيخ عبد الباقي: وقول مالك هو الأصح. ابن عرفة: في التعزية بمن مات للأنبياء نظر. انتهى؛ يعني بمن مات من قرابتهم كافراً، ويعزى الكافر الجار لحق الجوار حتى بكافر، قال مالك: يقول له: بلغني ما