قال لأهله لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب: (اصنعوا لآل جعفر طعاما وابعثوا به إليهم فقد جاء ما يشغلهم عنه (?))؛ ولأن ذلك من زيادة بر وتودد للجيران.
أما جمع الناس على طعام لبيت الميت فهو بدعة مكروهة لم ينقل فيه شيء وليس ذلك موضع ولائم، وأما عقر البهائم وذبحها على القبر فهو من أمر الجاهلية مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا عقر في الإسلام (?))، قال العلماء: العقر الذبح عند القبر. انتهى كلام الخرشي. وفي المدخل: وليحذر من البدعة التي يفعلها بعضهم؛ وهي حمل الخرفان والخبز أمام الجنازة، ويسمون ذلك عشاء القبر فإذا جاءوا القبر ذبحوا ما أتوا به وفرقوه مع الخبز، ويقع بسببه زحام وضرب ومنع مستحقه، وأخذ من لا يستحقه وهو من فعل الجاهلية ورياء وسمعة ومباهاة وفخر، والمشي به أمام الجنازة جمع بين إظهار الصدقة والرياء، ولو تصدق في البيت سراً لكان عملًا صالحا لو سلم من البدعة، ومن أن يتخذ ذلك سنة أو عادة لأنه ليس بفعل من مضى، والخير كله في اتباعهم رضي الله عنهم. نقله الشيخ إبراهيم.
وبما مر علم أنهم إذا اجتمعوا لنياحة لا يندب تهيئة الطَّعام لهم. والله سبحانه أعلم. وقال الإمام الحطاب: "وتهيئة طعام لأهله": أي ويستحب أن يهيأ لأهل الميت طعام، قال في الطراز: ويجوز حمل الطَّعام لأهل الميت في يومهم وليلتهم، واستحبه الشافعي، والأصل فيه ما رواه عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه قد أتاهم أمر شغلهم (?))، خرجه أبو داود؛ لأن ذلك زيادة في البر والتودد للأهل والجيران، أما إصلاح أهل الميت طعاماً وجمع الناس عليه، فقد كرهه جماعة وعدوه من البدع، وأما ما يذبحه الإنسان في بيته ويطعمه للفقراء صدقة عن الميت فلا بأس به إذا لم يقصد به رياء ولا سمعة ولا مفاخرة ولم يجمع عليه الناس. انتهى.